جوازة ابريل
انت في الصفحة 1 من 54 صفحات
الفصل الأول راية التمرد رواية جوازة ابريل ج
لا للحلول الوسطى أو الإجابات المتأرجحة ولا للعلاقات المعلقة أما أن يكون كل شيء في حياتي حتميا قطعيا نهائيا إما أن أرفع راية التمرد المضيئة پجنوني.
المنصورة 2010
في مبنى بإحدى ضواحيها شكله عاديا من الخارج
داخل منزل فتحي مرزوق جد ابريل
داخل غرفة المعيشة المتوسطة الحجم تدق الساعة العتيقة وتعلن عقاربها عن الثالثة صباحا.
استيقظت هذه الفتاة الصغيرة بعد أن كانت نائمة في جدتها أثر تعرضها لنوبة سعال قوي حيث أصيبت بأزمة ضيق في التنفس للمرة الثانية خلال ساعات بسيطة بهذا الليل كما يحدث معها يوميا.
ربتت الجدة على ظهرها برفق وقالت بنبرة قلقة اتنفسي علي مهلك يا ابريل ..
تابعت تحية وهى تأخذ كيسا من فوق طاولة السرير الجانبية ووضعته في يديها الصغيرتين وهى تستمع للخشخشة المصاحبة لتنفسها خدي اتنفسي في الكيس دا
دفعت لها تحية خصلات شعرها البنية عن وجهها الصغير فيما كانت تنظر إليها بحزن وتدعو إلى حفيدتها أن تتعافى من الآلام المزمنة التي تعاني منها.
قالت تحية بحنان يطل من مقلتيها شاطرة يا قلب ستك ربنا يشفيكي ويعافيكي يارب لأجل النبي حبيبك .. يلا تعالي في يا حبيبتي اهدي كدا و نامي ربنا يحرسك يا ضنايا
همست ابريل مستفسرة انتي نمتي يا ستي
أجابتها تحية بحيرة لسه يا قلب ستك .. مالك يا ابريل قلقانة ليه ورايح من عينك النوم لسه تعبانة
نهضت على الفور وجلست على ركبتيها أمامها على السرير وقالت بترقب لا كنت بفكر وعايزة اسأل حاجة يا ستي
أردفت بهمس مطرقة رأسها إلى الأسفل وفركت يديها معا بتوتر طفيف هو ليه ماما وبابا كل واحد منهم في حته بعيدة عن بعض .. وسايبني انا هنا لوحدي
وبختها الجدة بلطف اخس عليكي يا ابريل كده يا بت .. انتي خلاص زهقتي من القعدة معايا انا و جدك ولا ايه
هزت رأسها نفيا علي الفور وتوالت الاستفسارات تتدفق من لسانها لا يا ستي .. ماقصدش كدا .. بس اصلي بشوف عيال خالى وخالتى وحتي العيال اللي بلعب معاهم في الشارع وفي المدرسة عايشين مع باباهم وماماتهم وانا عايشة مع ستي و جدي .. رغم ان بابا و ماما كل حد فيهم عندو عيال تانيين وعايشين مع بعض
نفت الجدة برأسها سريعا محدقة فيها بحزن لتقول بمواساة اهدي يا حبيبتي خلاص ماتعيطيش لا حول الله يارب
سأل الجد بجزع عندما دخل الغرفة ليجد الفتاة الصغيرة تنتحب بقوة مخبئة وجهها خلف كفيها مالها ابريل يا تحية في ايه مزعلها
تململت الجدة مرتبكة قليلا ثم أجابته بالنفي بينما تدفع بحنو خصلة شعر أبريل للوراء مفيش يا حج .. هي مضايقة وتعبانة شوية عشان اغم عليها في المدرسة انهاردة
مسحت أبريل دموعها في أطراف أكمامها بطريقة صبيانية بحتة وهي تتمتم بنبرة رجاء يتخللها الانكسار جدو .. جدو انا مش هتعب تاني وهخف والله .. بس خليهم يوافقوا اعيش معاهم وانا مش هضايقهم خالص وعد
ضمھا الجد إلى صدره العريض وهو يمسد على ظهرها بحنو بس يا ابريل اهدي يا حبيبتي .. عشان خاطر جدك انتي مش بتحبيني انا وستك تحية
نظرت ابريل إليه وهى تبرم شفتيها الحمراوين بتفكير لتجيب بنبرة صادقة ايوه بحبكو اوي يا جدو
هتف بجدية يتخللها الحنان خلاص .. صلي علي حضرة النبي .. واستهدي بالله كدا و اتوكلي عليه وحده
غمغمت بصوتها الناعم عليه افضل الصلاة والسلام
اتسعت ابتسامته البشوشة وهو يهمس بصوته الدافئ عليه افضل الصلاة و السلٱم .. غمضي العيون الحلوين دول وهتروحي في النوم
إمتثلت مطيعة لطلبه وهي تستمع إلى صوته العذب بينما يتلو آيات من القرآن الكريم على رأسها لتتغلغل السکينة في أعماق قلبها.
بعد عدة لحظات
إختلس النظر إلى من تنام وسطهما ليهمس پقهر مكتوم بنتك دي منها الله ايه جحود قلبها هي والزفت فهمي .. نسيو خلاص ان في بت مكتوبة في شهادة ميلادها بإسمهم
تنهيدة عميقة غادرت ضلوعها لتقول آسى قلبي محروق
عليها يا
عيني عليكي يا بنتي .. نقول ايه بس دا النصيب كدا!!
أمرها الجد بنبرة حازمة تكلمي بنتك الصبح وابريل في المدرسة وتخليها تيجي من الاسماعلية تشوف بنتها والا انا اللي هكلمها وههزق اللي جابوها
حاولت تحية تخفيف انزعاجه الواضح وهي تربت بلطف على كتفه خلاص خلاص هدي نفسك يا فتحي يا اخويا مش ناقصين السكر يعلي عليك تاني والنبي
صاح فتحي پقهر ممزوج بالكرب وهو يضرب كفا بكف يرضي منين يا ناس ان عيلة صغيرة ماكملتش 10 سنين عايشة مع اتنين عواجيز زينا وكل الناس حواليها بين امهم وابوهم واخواتهم
إتنفضت ابريل من مكانها فجأة مرددة اعتراضا بريئا لا يا جدو ماتقولش كدا انت وستي بالدنيا عندي كلها ..
رفع فتحي حاجبه الأيمن في حالة صدمة والتي سرعان ما تحولت إلى ضحكات عالية قائلا بين قهقهاته المتقطعة اخ منك ومن عفرتك يا شقية .. مش كنتي نايمة
همهمت ابريل تسترضيه بنبرة صوتها الرقيقة ماتزعلش مني يا جدو خلاص انا مش هسأل تاني
كانت عيناه تتألقان بحب وحنان كبيرين وهو يتحدث بنبرته الدافئة لا يا حبة عين جدك انا عمري ما اقدر ازعل منك .. دا انتي حته من قلبي و ربنا يعلم قد ايه بحبك اكتر وحدة في عيالي وعيال عيالي يا توته
عانقته ابريل بمحبة ثم مغمغمة بتضرع من أعماق قلبها الصغير ربنا مايحرمنيش منكو ويخليكو ليا يارب
ربت على ظهرها مرددا خلفها بحنو بالغ امين يارب العالمين .. غمضي عينيكي يا حبيبتي واحلمي بالحاجات الحلوة وهصحيكي قرب الفجر عشان تصلي مع ستك حاضر وانا اروح اصلي في الجامع
ابتسمت الجدة على منظرهم وهي تفكر في إلهام ابنتها التي لم تستطع أن تكون أما حنونة لتلك الفتاة الصغيرة متسائلة في عقلها كيف لم تشعر تجاهها بعاطفة الأمومة التي تمتلكها كل امرأة بغريزة فطرية ثم إقتربت منها تربت علي شعرها بحنان مرددة بين جنبات عقلها ربنا يكتبلك الخير والسعادة يا حبيبتي ويكون حظك لما تكبري احسن من اللي عايشة فيه دلوقتي.
القاهرة 2023
فى الصباح الباكر
داخل فيلا فهمي الهادي والد ابريل
فى غرفة ابريل
تسرب صوت المؤذن يأذن صلاة الفجر وكانت عيون الجميع نائمة باستثناء عينين فيروزيتين تعبتا من الأرق.
راكعة ابريل بخشوع على سجادة الصلاة مرددة النداء معه كلمة بكلمة وعينيها مغمضتين وهى تشعر بقشعريرة في أطرافها بسبب رغبة ملحة تحثها على البكاء مجددا وهي تناجى ربها الذي إذا أراد شيئا فقال له كن فيكون تلجأ إلى الله وحده فهو قادر على بث الطمأنينة في قلبها المفتور مم أصابها.
أخذت ابريل نفسا طويلا عائدة من ذكريات طفولتها وهى تعتدل فى جلستها على ركبتيها ثم رفعت وجهها وكفيها للأعلى بينما تضرعت إلى الله بصوت مخټنقا بالدموع التي تقطر من عينيها المغلقتين الله يرحمك يا جدي .. اللهم احييني اذا كانت الحياة خيرا لي فانت اللطيف الخبير يارب
رفعت ابريل أصابعها المرتجفة لتهندم حجابها على رأسها جيدا ثم بدأت تقرأ في مصحفها الصغير داعية إلى الله أن يريحها من كربها ويمدها بالقوة التي واصلت التحلى بها طوال سنوات حياتها لتستطيع الخروج من مأزقها.
بقلم نورهان محسن
في مساء نفس اليوم
داخل فيلا صلاح الشندويلي
في الهواء الطلق تقام حفلة خطوبة ساحرة في حديقة واسعة مليئة بالأضواء الساطعة والطاولات مغطاة بأغطية أنيقة ومزينة بالورود فوقها الأطعمة والمشروبات المختلفة بينما تدوي الموسيقى بنغمات رائعة تبهج المستمعين.
خرج باسم من الشرفة إلى الحديقة الخلفية للفيلا لتنتشر رائحة عطره الرجولي القوي مع نسائم الهواء منتصب القامة أثناء المشي محدقا فى شاشة الهاتف ثم أطلق زفيرا يعبر عن حنقه بعد أن حاول الاتصال مجددا على نفس الرقم دون جدوى.
يخطو نحو المسبح بخطواته الواثقة فهو صاحب وسامة فائقة يرتدي بدلة كلاسيكية باللون الرصاصى وذات مظهر جذاب وفخم للغاية وقميص قرنفلى مع ربطة عنق بدرجة لون داكنة مصففا خصلاته السوداء بطريقة حديثة.
واخيرا حضرت خطوبتك يا مغلبة قلوبنا
قالها باسم بسعادة وهو ينظر إليها بعيون مليئة بالمحبة الخالصة لتلك المرأة الجميلة بإطلالتها المميزة في فستان بتصميم مشابه لفساتين الممثلين القدامى يصل إلى الركبة مصنوع من الساتان بلون الكشمير الفاتح وبالرغم من إنه بسيط جدا لكنه أنيق جدا بينما قالت هالة بتذمر مصطنع بعد أن أسبلت نظراتها إلى الخاتم اللامع في إصبعها بتتريق يا بيسو!!
غمز باسم لها وهو يمد إصبعه ليزيح جانبا خصلة من شعرها على جبهتها وهو يتأمل تسريحة شعرها المرفوعة إلى الوراء لتهتف بنبرة ماكرة هو مين فينا اللي مغلب العيلة دي ومش عايز يفرح امه بيه اللي هيطير برج من دماغها وتجوز...
وضع باسم سبابته سريعا أمام شفتيها قاطعا تدفق المزيد من الكلمات على لسانها قائلا باقتضاب زائف خلاص بالعة راديو هتسيحيلي في المكان استري علي اخوكي حبيبك
ضحكت هالة على مزحته مرددة بابتسامة عفوية خلاص هستر
عليك المرة دي
إبتسم باسم لها متحدثا بخفوت مبروك يا هدهد .. ربنا يسعدك ويهنيكي
يا قلب بيسو واشوفك مبسوطة دايما
بادلته بحب كبير وهى تجيبه بسرعة بصوت حانى فهى الأقرب إلى قلبه الله يبارك فيك يا حبيبي وماتحرمش منك ابدا
أبعدها باسم عنه برفق ليرفع وجهها إليه فاتسع بؤبؤ عينيه في دهشة حينما رأي عينيها الدامعتين فقال سريعا مشيرا إليها بإصبعه محذرا اياها بمزح خلاص خلاص هتقلبيها نكد و ټعيطي .. امسكي نفسك الليلة لسه في اولها يا دراما كوين
وخزت هالة كتفه وهي ترفرف عدة مرات برموشها الطويلة بينما ظهرت ابتسامة مهلكة على شفتيه تلاها سؤال صحيح فين عريس الغفلة اللي سايب سعاد حسني العيلة كدا لوحدها يوم خطوبتها
ابتسمت هالة له بعذوبة لتدحرج حدقتاها ذات اللون الأزرق الغامق بحثا عنه وسط