رواية امرأة العقاپ
أنا ماني امك
قهقه عاليا بصوته العالي ثم غمز لها في مشاكسة يجيب عليها بلهجتها اللبنانية
يقبرني هاد العصبي
احترم حالك أنا لحد هلأ ما حاسبتك على اللي قلته مبارح
تغيرت ملامحه وأخذت الجدية ليقول بإحراج بسيط
اللي قولته !! هو أنا خرفت في الكلام أوي !
ضيقت عيناها وسألت بعدم فهم
حاتم بنبرة حادة وبوجه يعطي تعبيرات الاعتذار مقدما
يعني قولت كلام مش لطيف يانادين !
هزت
رأسها بإيجاب وتمتمت بصرامة ونظرات شرسة
اممم مو لطيف أبدا ولولا إنك ما كنت بوعيك كنت بهدلتك
زم شفتيه وقال معتذرا بأدب ورقة
أنا آسف بجد بس نفسي أفهم إيه اللي جابك ليا من الأساس
كنت بتركك مثلا وإنت
بهاي الحالة !
ابتسم لها بمشاعر نقية وامسك بكفها يتمتم في ود جميل
ربنا يخليكي ليا أنا بجد من غيرك معرفش كنت هعمل إيه يانادين من غير زعل بس أنا بحسك امي بجد
صړخت به بغيظ وعصبية وهي تسحب كفها
لك لا تجنني شو امك !! شايفني عجوزة لتقولي امك
عاد يضحك مجددا وتمتم يصحح لها الفكرة ببساطة
هدأت ثورتها ولانت نظراتها فهتفت برقة رائعة مع نبرة صوتها الرقيقة
الله يرحمها
آمين لكن مقولتيش أنا قولت إيه امبارح صحيح عشان للأسف مش فاكر
طالعته بنظرة ڼارية ومغتاظة فسرعان ما ارتفعت صوت ضحكته الرجولية لأنه نجح بكل سهولة في تحقيق مبتاغه من جملة واحدة !
بعد صباح مرهق ومتعب ككل يوم في العمل كانت في طريقها للمنزل وهي تسير في شوارع حارتها وسط ضجة الاطفال والبائعين وإذا بها تذكرت أنهم ينقصهم الارز بالمنزل ولن تتمكن من تحضير وجبة غذاء اليوم بدونه فانحرفت بقدمها لليسار نحو أحد محلات البقالة ووقفت تهتف بابتسامة خاڤتة من الإرهاق
رفعت السيدة نظرها إلى مهرة وطالعتها بعين ثاقبة ثم وقفت وقالت بهدوء
نحمدو أخبار الحجة فوزية إيه
مهرة بإيجاز وهي تخرج حقيبتها الصغيرة
كويسة الحمدلله اديني كيلو رز يا أم سلامة
تحركت السيدة خطوتين في محلها الصغير والتقطت كيس ارز متوسط الحجم ثم وضعته في كيس أصفر اللون وأعطته لها وقبل أن تلتقط منها النقود انحنت للأمام مستندة برسغها
ألا صحيح يابت يامهرة اللي عملتيه مع صابر الأعور ده !
رمقتها مهرة بابتسامة صفراء ومثلجة بينما الأخرى استكملت بخبث أشد
ده سيرتك على كل لسان في المنطقة قال إيه بنت رمضان الأحمدي بتطفش العرسان عشان لا مؤاخذة يعني مشيها بطال صحيح الكلام ده يابت قوليلي ومټخافيش ده أنا برضوا يهمني مصلحتك اصل لو الكلام ده
غلط أنا اقطع لسان كل واحد يقول كلمة وحشة عنك
اختفت ابتسامتها وتحولت نظراتها المثلجة إلى نيران متوهجة وتشنجت عضلات وجهها حتى أصبح وجهها اللطيف مرعبا وخرج صوتها شبه عاليا بانفعال هادر
اقولك إيه يا ولية ياخرفانة انتي بعدين مين دي اللي مشيها بطال ده أنا اشرف منك ومن عيلتك كلها لتكوني فكراني مفياش لسان ومش هعرف ارد عليكي لا ده أنا لساني طويل وزفر أوي كمان
رفعت السيدة ذراعيها لأعلى وصړخت باعلى صوتها صائحة باستهزاء وڠضب
بقى أنا خرفانة يابنت حليمة الشحاتة لكن هقول إيه ماهو صحيح تربية والدور والباقي على الحجة فوزية اللي معرفتش تربي بنت ابنها
تجمع جميع من بالجوار من أهل الحارة على أثر صياح أم سلامة بينما مهرة فوصلت إلى ذروتها حيث ألقت ما بيدها من أكياس وهمت بأن تهجم على أم سلامة لولا أن إحدى الشابات بالمنطقة كبلت مهرة تمنعها وهي تهتف
خلاص يامهرة
صړخت مهرة باعلى صوتها محدثة أم سلامة وهي تحاول التملص منها
طاب إيه رأيك أنا هوريكي التربية اللي على حق
تمكنت من التملص من الشابة التي تمسك بها واندفعت نحو أم سلامة التي
كانت في بداية العقد الخامس من عمرها وجذبتها من حجابها صائحة بأسلوب الحواري التي ترترعت به
عارفة لو سيرة أمي جات على لسانك ال ده تاني هكون قطعهولك أصل إنتي ست عايبة وبجحة ومفيس راجل عرف يحكمك
هرولت سيدات المنطقة كلهم وابعدوا مهرة عنها وهم يصرخوا بها بأن تتوقف بينما ام سلامة فصفقت بيديها بأسلوب منحدر وهي تهتف ضاحكة
بدل ما تتشطري عليا روحي داري على فضايحك وسيرتك اللي على كل لسان دي
صاحت بها سيدة متقدمة في العمر
جرا إيه يا أم سلامة كفاية خلاص ميصحش اللي بيتعمليه ده
ثم أمسكت بذراع مهرة تجذبها معها عنوة إلى خارج الحشد الذي تجمع على أثر المشاجرة العڼيفة بينما مهرة فكانت عبارة عن قنبلة موقوتة والسيدة التي تمسك بها هامسة في خفوت ولطف محاولة تهدئتها
خلاص يابنتي اهدي وسيبك