الإثنين 25 نوفمبر 2024

رواية ست البنات

انت في الصفحة 24 من 29 صفحات

موقع أيام نيوز

كنا نتشاركها فكان أحدنا يسهر نصف الليل ثم يذهب لينام والاخر يجلس بدلا عنه بعد ان يكون اخذ قدره من النوم فكان تميم يذهب لروضه مدرسيه قريبه من بيتنا الصغير الذى استأجرناه وملاذ تذهب لسيده أخرى فى منزلها ترعاها وتهتم بها حتى نعود فكنت احمل ملاذ واركض بها تجاه جارتى التى تستضيفها فى منزلها بمقابل شهرى وصفي يحمل تميم ويذهب به لروضته ثم نتقابل فى مكان حددناه سابقا لنستقل الحافله التى اهبط منها على مقربه من جامعتى ويستكمل صفي طريقه حتى ان يصل لعمله كانت فتره الصباح وقتها تأخد من ساعتين الى ثلاث ساعات منذ ان نستيقظ وحتى نستقر فى أماكنا وعند العود نفس الشئ فإذا انهيت محاضراتى قبل ان ينهى صفي عمله كنت انتظره فى المكان الذى حددناه سابقا فأظل استذكر ما أخذت من محاضرات حتى يأتينى فبدونه أخشى العوده واخشى استقلال الحافلات وحدى فمازال قلبى الطفولى يخشى الغربه ولا يجد أمانه الا فى وجود صفي وعندما نعود لمنزلنا بعد ان احضرنا اطفالنا
كنا نتشارك أعمال المنزل ولأن صفي عاش سنوات كثيره وحده فقد اعتاد الطهى والتنظيف فإذا طهوت انا كان يبدل ملابس الطفلين وينظف بقايا الافطار المتساقطه واذا قرر ان يطهو هوا لنا كنت ارتب البيت واعد مائده الطعام حتى ننتهى جميعا من اعمالنا ونجلس معا لنتناول الغداء حتى تميم كان يساعد والده الذى يعشقه كما لم يعشق والد من قبل فكان يقلده فيما يفعل ويرتدى مريول المطبخ الصغير ويخبره انه المساعد الخاص به وكان صفي ذو قلب طفولى يلعب معه ويمرح ويتنافسا على
من ينهى طبقه أولا او من يسبق الاخر ويركض الى الروضه اسرع فكلما مرت الايام وكبر تميم تعلق به اكثر واكثر حتى ملاذ اصبحت تقلد تميم فى كل شئ فكان مرجعها الاول ومن بعده والدها الذى يوافقهم على اعمالهم التخريبيه أما انا فكنت الام الصارمه التى تصرخ طول اليوم ويضحك عليها ابنائها 
فى منتصف الليل بل وفى بعض الايام عندما اتكاسل عن الاستيقاظ كان يستيقظ هوا ويعد الفطور ولا يوقظنى الا بعد ان ارتدى هوا وابنائنا كامل ملابسهم وكنت اعوض له ذلك فى الايام التى تخلو من المحاضرات فكنت اعيد ترتيب المنزل وتنظيفه وأعد له الأكل الذى يحبه واترك الاولاد معى فى المنزل فلا يحمل عناء ذهابهم او مجئيهم فكان يوما غير تقليديا يكسر قيود الروتين اليومى الممله 
كنا نتحمل بعضنا البعض فمن لديه طاقه يفيض على من اوشكت طاقته على النفاذ واذا اوشكت على الانفجار من إثر ضائقه ماديه او أعباء حياتيه كان يذكرنى بكل جميل يحدث لنا وكيف اننا الان معا دون ضغوط نفسيه فالمشاكل الحياتيه سهله الحل ولكن المشاكل النفسيه تأخذ من العمر والجسد فكنت استشعر ذلك وتهدأ روحى وتسكن 
اما زياراتنا الى قريتنا الصغيره كانت فى الاول اسبوعيه ثم بعد ذلك اصبحت فى
فترات غياب الاختبارات ولم يخل صفي بوعده تجاه اهل عابد بل كان يحمل تميم ويذهب به إليهم ويتركه حتى تتصل جدة تميم وتطلب من صفى الحضور لأخذه وفى بعض الاوقات كان يعيده عمر 
فى البدايه كنت اخشى مواجهته واخشى النظر فى عينيه فأحن إليه وأشتاق لما مضى فكنت اتعمد عدم الخروج او أخذ تميم بسرعه والدخول حتى لا تتلاقى عينانا ولكن ذات مره ذهب صفي للقاء أصدقائه ولم يكن فى المنزل غيري وطرق عمر الباب ومعه تميم عندما فتحت ووجدته امامى تسارعت دقات قلبى وبدا التوتر جليا فى ملامحى ولكننى استعدت رباطه جأشى وقررت المواجهه
فنظرت له بعينان يملأهما التحدى فكانت نظره قويه بعد غياب طويل وما إن تلاقت عينانا حتى ابتسم 
عامله ايه يا ميراس
تمالكت نفسي وحاولت السيطره على انفعالاتى وانا اجيب
كويسه جدا ازيك انت ياعمر
ابتسم مستطردا 
ماشى الحال شكرا على سؤالك 
احنا فى النهايه عيله واحده لازم نسأل على بعض 
بس !
اكيد
سعيده فى حياتك يا ميراس
جدا صفي راجل محترم وطيب بيحبنى اكتر مابيحب نفسه وحياتنا فى القاهره مستقره وبكمل دراستى بتفوق وتميم متعلق بصفي
مفيش حاجه ناقصانى علشان مبقاش سعيده 
قولتى كل حاجه وقولتى ان صفي بيحبك لكن مقولتيش انك بتحبيه 
لو مكنتش بحبه مكنتش اتجوزته 
يمكن اتجوزتيه عند 
عند فى مين ياعمر فيك 
يمكن
انا مش غبيه علشان اعاندك وأذى نفسي ولو كنت بعاندك كنت اتجوزت لما عرفت انك رجعت لداليا لكن بالعكس انا خدت وقتى وفكرت وقررت وطلع قرارى دا احسن قرار خدته فى حياتى
واحسن من قرار جوازك منى 
الكلام دا ملوش لزوم ياعمر انا دلوقتى متجوزه وبحب جوزى وانت رجعت لمراتك وبقى عندك بنت صدقنى لما تفكر فى الموضوع صح هتعرف ان جوازنا كان غلطه مش اكتر 
يعنى محبتينيش زى ماكنتى بتقولى 
بالعكس حبيتك جدا بس حب مراهقه زى البنت اللى بتفكتر انها بتحب المدرس بتاعها وبتحب ممثل فى التلفزيون وبتحب ابن الجيران حب برئ طفولى والايام هيا اللى بتكبره او بتنهيه وانت نهيت الحب دا والحب اللى بينتهى مكنش صادق من الاول
بس حبى ليكى كان صادق
هوا انت فاكر الحب دا كلمتين ياعمر حب ايه اللى صادق وصاحبه بيخون وبيكدب وبيخبى الحب دا نبات رقيق جدا محتاج صدق ورعايه واهتمام وحب علشان يكبر وينمو لكن غير كدا بيدبل وېموت وانا معاك دبلت
انا عارف انى جيت عليكى وعملت تصرفات غبيه بس اوعى فى يوم تفتكرى ان حبى ليكى كان كدب
داليا عامله ايه معاك 
عادى
يعنى ايه عادى 
داليا ام بنتى 
ولما رجعتها كانت ام بنتك بردو
عايزه توصلى لإيه ياميراس
اوعى تستغبانى ياعمر ولا تصدق نفسك بص للحقيقه بنظره حد تانى غيرك دايما نظره الانسان لنفسه منصفه ربنا يوفقك فى حياتك ويوفقنى انا كمان
كنا مستمرين فى حديثنا واقفين انا باب شقتى ولكن تميم تململ من الوقفه معنا فدخل ليشاهد التلفاز وظللت اتحدث مع عمر حتى أتى صفي ونحن مازلنا نتبادل حديثنا توتر عمر واستأذن
بالانصراف ولكن صفي دعاه للدخول برغم رفض عمر الا انه ألح عليه كثيرا حتى فشل فى اقناعه وانصرف عمر ودخل صفي معى الى الداخل كانت ملامحه متغيره حتى وإن حاول الا يظهر ذلك ومر اليوم بسلام دون ان نتطرق بالحديث الى ذلك الموضوع ولكن قلبى لم يكن مرتاحا فكنت كالطفل الذى أفسد ما فعلته أمه فخاصمته وظل منتظرا على باب غرفتها حتى تسامحه حاولت تجاهل الامر كثيرا الا اننى وجدتنى فى النهايه اجلس أمامه وافاتحه فيما حدث
انت زعلان منى
وازعل منك ليه ياحبيبتى
انت عارف ياصفي بلاش تحسسنى بالذنب اكثر من كدا
والله مافاهم تقصدى ايه
علشان جيت لقتنى واقفه مع عمر والله ياصفي كان تميم معانا ويادوب لسه 
وضع يده على فمى يغلقه وعلى وجهه ابتسامته العذبه
انتى
ازاى تفكرى انى بكدبك ولا بشك فيكى
بس شكلك متغير من ساعه ماعمر مشى
دى غيره عليكى مش زعل منك غيرت لما لقيته واقف معاكى وانا عارف انه لسه بيحبك لكن مش شك فيكى واوعى تفكرى بالشكل دا تانى
يعنى مش زعلان منى
عمرى ماازعل منك لانى بحبك وبثق فيكى وبحترم وجودك واخلاقك واحترامك لنفسك قبل اى شئ وعارف كويس انك وقت الجد بميه راجل
طيب ولو مش فى وقت الجد
لا دى حاجه تانيه عايزالها قاعده
وانا فاضى
انا بحبك اوى ياصفي وبحب تفهمك واعتزازك بيا
ياحبيبتى كرامه الراجل من كرامه مراته واللى يقلل من مراته يبقى بيقلل من نفسه ولو طلبتى منى انك تاخدى تميم وتروحى بيه لجدته بنفسك والله عمرى ماهرفض 
لا أعلم كيف لرجل ان يقلل من شأن زوجته فېهينها وينتقص منها وهوا يظن ان ذلك لا يمسه بسوء ولا يعلم انه كلما احسن اليها احسنت اليه وكلما اساء اليها اخرجته من قلبها وعقلها فأقلل هوا من شأن نفسه الاف المرات اكثر وكيف لحياه قائمه على الاهانه والشك ان تستمر الا إكراها فلماذا نستبدل الحب والرحمه بما ېهدد البقاء وېمزق الاواصر فبدلا من ان نحيا ونحن نعشق وجودنا بجانب بعضنا البعض اصبح وجودنا إلزاميا لاستكمال الواجهه الاجتماعيه فقط فكم من بيت تهدم واطفال تشردت لأننا لم نحسن الحب وصفي كان رمزا للحب ونشأ ابنائنا فى بيت يملؤه الحب فكانوا اسوياء وقلوبهم مليئه بالمشاعر الصادقه 
ولأن كل هذا حتما سينتهى فإيضا التعب انتهى وبعد ان كنت اسهر الليالى متورمه الاجفان لأذاكر مافاتنى اصبحت الان رئيسه قسم الهندسه المعماريه بالجامعه وبعد ان كنت اركض لألحق بالحافله اصبح لدينا سياره حديثه يوصلنى بها صفي لعملى وأما هوا فأصبح ذو مركز مرموق حصل عليه بتعبه واجتهاده واصبحنا نتملك منزلا جميلا فى
وسط القاهره حتى وإن لم يكن كبيرا بما يكفى ولكنه منمقا ومليئا بالحب وكبر ابنائنا الصغار الذين كنا نشكو شقاوتهم ومكرهم وسهرنا بجوارهم فأصبح تميم طالبا بالجامعه واصبحت ملاذ فى المرحله الثانويه واصبحت لديهم اهتمامات اخرى وعالما مختلف عن عالمنا الذى نشئنا فيه وتربينا حتى اننى وصفى لم نعد نفهم بعض اقوالهم ولا نستطيع مواكبه العولمه التى يسبقونها واصبحت اوقات فراغنا كبيره وحديثهم معنا قليل فلا تعب يدوم ولا راحه تبقى ومهما مر علينا من اوقات عصيبه اصابت ارواحنا بالخدر والالم الان انه حتما سيأتى الافضل يوما ما 
لذلك اقف امامكم الان طلابى الاعزاء اقص لكم حكايتى فى اليوم الاول لكم بكليه الهندسه لتكون لكم عبره تستفيدوا منها ولو بأقل القليل أما أنا فسأنهض الان لأعود لبيتى فمازال امامى الكثير من المهام التى لو أؤديها بعد 
انصرفت عائده لمنزلى مع
صفي فى سيارتنا الصغيره ومالبثنا ان دخلنا من الباب حتى جذبنى تميم من يدى ودخلنا غرفته وأغلق بابها خلفنا 
فيه ايه ياتميم بالراحه عليا انا لسه راجعه ومش قادره
عايزك فى موضوع مهم ياماما 
طيب مقولتش الموضوع ليه واحنا برا
بصراحه مش عايز اتكلم قدام بابا
ليه ياتميم هوا احنا بنخبى عليه حاجه
لا ياماما مش قصدى بس الموضوع محرج شويه
محرج ! فيه ايه ياتميم قلقتنى
انا عايز اخطب مرام بنت عمى عمر
الحلقه السابعه والعشرون
وكأننا ندور فى دائره مغلقه نلتف حولها ثم نعود لنفس النقطه مره آخرى الان وبعد مرور كل تلك السنوات التى ابتعد عنهم فيها يأتى ابنى الان ليعيد ترابطنا معا مره آخرى اليس هناك فتيات اخريات سوى ابنه داليا !! وكيف لى ان اتصرف فى ذلك الموقف شردت كثيرا حتى حثنى تميم على الاستفاقه من مخيلاتى 
ماما انتى سمعانى 
ايوه سامعاك
ورأيك ايه فى الموضوع 
موضوع ايه 
فيه ايه ياماما مالك 
مفيش حاجه مرهقه شويه كان عندى يوم طويل النهارده وحفله استقبال الطلاب الجدد وتعبانه
جدا هنام شويه وابقى كويسه
طيب ياماما على الاقل اوعدينى انك تفاتحى بابا فى الموضوع
اشمعنى هيا يا تميم
يعنى ايه اشمعنى هيا 
ليه مرام بالذات اللى عاوز تخطبها 
وليه متبقاش
23  24  25 

انت في الصفحة 24 من 29 صفحات