روايه جديدة
ترمقه بنظراتها الصلبة وجدته يتلفت حوله يتأمل المكان بإعجاب ثم قال روعة بصراحة.. أبهرتيني بذوقك
رد عليه ببرود ممكن أعرف سبب زيارتك يايوسف
نظر لها بإبتسامة وقال مش هكدب عليكي واقول حجج أنا بصراحة جاي مخصوص عشان اشوفك
لوت شفتيها بتذمر وقالت تاني يايوسف.. أظن قفلنا الصفحة دي من زمان
هز رأسه بإخفاق وقال أنتي عندك حق في موقفك وفي كل اللي تعمليه وتقوليه وأنا الحمد لله توبت لربنا توبة نصوحة عن كل ذنب او كبيرة ارتكبتها وأتمني يقبل توبتي ومش بقولك كده عشان حاجة والله أنا بس رايح اعمل عمرة وجيت اشوفك قبل ماأسافر والأعمار بيد الله يمكن مرجعش
ابتسم بحزن وقال لها عايزك تسامحيني يايمني مش طالب منك غير كده بس ومش بجبرك على أي حاجة
نظر لها وعندما لم يجد الرد.. نهض وقال أخيرا لو جرالي حاجة خلي بالك من ماما يايمني.. أنتي عارفة هي بتحبك اد إيه
الټفت ليغادر المكان فرفعت بصرها تودعه ثم استوقفته قائلة تروح وترجع بالسلامة يا يوسف
ابتسم وكأن روحه قد ردت إليه فالټفت وابتسامته مازالت تزين وجهه الذي أشرق بقربه من الله وقال الله يسلمك من كل شړ ... ثم الټفت وغادر.
نهضت واغتسلت وجهزت مشروب ساخن تتناوله لعله يهدئ ذلك الألم ثم تمددت على سريرها الصغير في تلك المكان التي اعتبرته جنتها بعدما أشرفت ياسمين علي إعداده وفرشه بطريقة منسقة ومبهرة تشعر بسعادة عارمة عندما تعود كل مساء من عملها الذي كلفته بها ياسمين في محل الملابس وتجد مأوى يأويها ويحجبها عن البشر فقد عملت في ذلك المحل حيث الملابس النسائية والفساتين تكويها وتغلفها وتحيك بعض الأزرار وغيرها من هذا القبيل ولكن أكبر سعادة تشعر بها عندما تسمع بوق سيارة ياسر قادمة صباحا بالأولاد حيث تنتظر مغادرته وتخرج إليهم في الحديقة تلاعبهم وتلهو معهم.. هذه الدقائق معهم تشعرها أنها على قيد الحياة تلك الطفلان أصبحا مصدر حياة لها حتي أن هاتفها الذي اشترته بأول راتب من عملها تملؤه صورهم في أوضاع مختلفة لهما وهم يمرحون ويلعبون وأحيانا يأكلون عندما تدخل إليهم الفيلا بعد مغادرة مراد.
لم تمر سوي لحظات حتى سمعت رنين جرس المكان.. تغلبت على ألمها ونهضت لتفتح فابتسمت عندما وجدتها ياسمين
ابتسمت ياسمين لها وقالت صباح الخير يا غصون
ردت عليها صباح الخير يا مدام ياسمين.. اتفضلي
ردت غصون لا كنت صاحية عشان الشغل
ترددت ياسمين في الكلام ثم قالت طب ياغصون اقعدي عشان هو ده الموضوع اللي عايزاكي فيه
شعرت غصون بالقلق فسألتها خير اللهم اجعله خير
أخرجت ياسمين ظرفا صغيرا من جيب سترتها الرياضية التي ترتديها ومدت به يدها لغصون اتفضلي ياغصون
أجابتها ياسمين ده مرتب الشهر التاني لكي معايا
ردت عليها غصون بس أنا لسه مكملتش الشهر التاني
هزت ياسمين رأسها وقالت عارفة ياغصون.. بس أنتي مش هترجعي الشغل لمدة شهر
قلقت غصون وقالت بريبة ليه هو أنا غلطت ف حاجة او عملت حاجه
أمسكت ياسمين يدها بحب لتطمانها وقالت لا ياغصون بالعكس كل اللي في السنتر معجبين بإجتهادك وامانتك وأخلاقك
شعرت غصون بالحيرة فسألتها أومال فيه إيه
ردت عليها ياسمين فيه إن هتشتغلي حاجة تانية ياغصون بس في مكان غير السنتر
تعجبت غصون وسألتها شغل تاني وفين المكان ده
ردت عليها ياسمين بهدوء وقالت أنتي عارفة إن جني هتبدأ إمتحانات وهتمتحن لمدة شهر و طبعا هي محتاجة هدوء عشان تقدر تركز عشان كده يزيد ويزن مش هيجوا هنا الشهر ده وأنا كمان مش هنزل الشغل عشان اكون متفرغة للبيت وجنىوبعد معاناة قدرت اقنع ياسر إن يجيب حد للولاد الشهر ده ياخد باله منهم وهو رفض فمراد اقترح بما أن الولاد بيحبوكي ومتعلقين بوجودك انك ممكن تروحي طول النهار تتابعيهم وتاخدي بالك منهم لحد ما ياسر يخلص شغله ويرجع البيت.. ودي اعتبريها خدمة ليا انا ياغصون لان ياسر مش
مآمن حد غريب يقعد مع ولاده وأنا أخيرا أقنعته بصعوبة وتفهم ان الأولاد بيحبوكي وانتي كمان بتحبيهم
شعرت غصون بالحيرة لاتعلم أتوافق وتنعم بذلك الشهر مع الأولاد أم ترفض ان تذهب لبيت رجل أعزب وتعيش به لمدة شهر.
عندما وجدت ياسمين غصون شاردة فسألتها ها ياغصون.. رأيك إيه
تغلبت غريزة الأمومة التي فقدتها عليها وأجابت موافقة
الفصل_الثاني_عشر
ضاقت به الدنيا وأطبقت ذراعيها حوله بۏحشية تخلي عنه أقرب الناس إلى قلبه صبا في البداية عندما استسلمت لضعفها وتركت الحياة بكامل إرادتها تاركة خلفها جبلا من الهموم التي تثقل قلبه وحزنا دفينا لن يبرأ منه أبدا تركته وحيدا بلا ونيس إنسان مهزوم من الحياة مهما عافر ان يخفى ذلك ومهما أشغل تفكيره بأمور الحياة ولكنه ناقص بدونها.. يعيش حياة باردة روتينية أكثر من اللازم ومسئولية ولدين في عمر الزهور افتقدا الحنان والدفء في غيابها ومن في الكون يعوض حنان الأم بالإضافة إلى مايعانيه هو وهما من عدم الإستقرار الذين يعيشوه سبب عمله وصغر سن الولدين اللذان يحتاجان كل الإهتمام والرعاية كما تخلت عنه أمه التي أعلنتها له صراحة أنها لم تعد تقدر على تحمل مسئولية أولاده ولا تلبية إحتياجاتهم اليومية كأطفال مما أشعل ذلك الڼار التي لم تلحق ان تخمد في صدره من تلك المعاناة الذي يحياها وذلك الحال الذي أصبح عليه ورغم أن ياسمين ساندته وكانت نعم الأخت له ولكنه يعلم أنها الأخرى حياتها متكدسة ولديها الكثير من المسئوليات التي على عاتقها ولاترد أن تعلن تخليها عنه كما أنه هو الآخر لايريد زيادة الثقل عليها لذا استسلم أخيرا لإقتراح مربية للأولاد رغم رفضه الشديد لذلك منذ سنوات ورغم موافقته لا يشعر بالإرتياح لذلك ولكنه أصبح مضطرا لأنهما حقا في حاجة شديدة الإهتمام والرعاية ولكن تضاربه أفكاره كيف لإمرأة ليست أمهم ان تهتم بهم وترعاهم كيف تحنو عليهم وهم لم يضعوا في رحمها ولا تربطها بهم علاقة ډم كما يخشى حرمانها من الأمومة أن يكون كون لديها عقدة وتحقد على كل من له طفل وبالتالي يخرج ذلك في معاملتها لأبنائه لديه رهبة كبيرة من أشياء كثيرة عاشها في طفولته ومازالت تطارد مخيلته كل حين وحين ولولا قوته لكانت تركت أثرا سلبيا عليه وعلى شخصيته ولكنه دائما ما واجه الحياة بقوة اكبر من طاقته.
يتناول الإفطار مع ولديه على مائدة صغيرة في مطبخ منزله الكبير الذي أصبح باردا خاليا من الحياة طول النهار هو وولديه خارجه وفي نهاية اليوم يعود بهم حتى يتناولوا العشاء وينامون هو يشعر بعجزه من أن يقدم لهم كل شىء رغم أنه يبذل الكثير في إسعادهم ولكن دائما هناك ماينقصهم وهو أم ترعي وزوجة تهتم تجعل الشمس تشرق في ذلك المنزل المظلم تنهد عن تذكره ذلك وهو يعلم أن ذاك النقص سيظل للأبد فالأم والزوجة رحلت دون رجعة ولم تفكر في كم روح دهستها وكم قلب كسرته في رحيلها.
لاحظ شرود ولديه الصغيرين وحزنهم فسألهم ممكن أفهم حبايبى مبيفطروش ليه وليه مكشرين كده وزعلانين
رد عليه يزيد ابن الخمس سنوات وقال عشان انت قولت مش هنروح عند عمتو ياسمين
ابتسم له وقال بحنان لأن عمتو عندها ظروف وجنى عندها امتحان ومحتاجة هدوء عشان تذاكر وتنجح زي ماأنت نجحت في امتحانك
رد عليه يزيد بتوسل طفولي طب نروح يابابي ومش هنعمل صوت خالص ومش هنعمل لجني إزعاج نهائى
أجابه ياسر بتفهم ياحبيب بابي مش هينفع..اما جني تخلص مذاكرة وإمتحانات هنروح
تدخل يزن الصغير ذو الثلاث سنوات بصوته الطفولي البرئ خلاص يابابي هنروح نقعد مع غصون في بيتها اللي ف الجنينة
تعجب ياسر من قول ابنه وسأله وانتوا بتروحوا عندها بيتها
رد يزيد هي بتيجي تقعد معانا عند عمتو كتير وبتلعب معانا في الجنينة ومش بنروح عندها الا نونو صغيرة بس
تنهد ياسر بحيرة وسألهم وهي بتعاملكم كويس
رد يزيد دي طيبة أوي يابابي وبتعمل كل حاجة بنطلبها منها
تبعه يزن قائلا بصوته الصغير أنا بحبها أوي
شعر ياسر ببعض الإرتياح لما حكاه الولدين عنها وتعلقهم بها ولكن مازال بداخله شىء يقلقه منها يخشى أن يكون ذلك وجها مزيفا لوجهها الحقيقي الذي يخفى عكس ماتظهره.
ابتسم لهما وقال بتفهم تمام اوي.. متزعلوش بقى وأنا هجيب لكم غصون هنا
صفق يزن من السعادة وقال يزيد بجد يابابي هي هتيجي هنا
أومأ ياسر بالإيجاب وقال بس بشرط.. لو عملت أي حاجة تضايقكم او زعلتكم تعرفوني
أجابه يزيد بس غصون مش بتزعلنا أبدا
قال ياسر له بتفهم عارف ياحبيبي بس برضه لو حصل أي حاجة صغيرة تعرفني...ممكن يا يزيد
أجابه يزيد بالموافقة ممكن يابابي
ابتسم له أبوه بإرتياح وقال وكمان عايز منكم طلب مينفعش نقول غصون كده نقول لها طنط غصون..اتفقنا
أجاب الولدان اتفقنا
في نفس اللحظة دق جرس الباب علم ياسر أن آسر قد أتى بغصون كما أخبرته ياسمين عبر
الهاتف منذ قليل.
نهض وخرج من المطبخ واتجه ناحية الباب ثم فتحه ليدخل آسر مباشرة ينادي يزيد يزيد يزن
بينما وقفت غصون تفرك يديها من التوتر عند باب المنزل نظر لها ياسر ثم قال ادخلي
دخلت غصون دون أن ترفع عينها فيه وتحركت خلف ياسر ببطء ثم وقفت فجأة عندما الټفت لها وأشار لها على مكان ما في الصالة الواسعة.. وقال بصرامة ممكن تقعدي هنا لحد اما ارجع محتاج اتكلم معاكي شوية قبل ماتستلمي الشغل
هزت رأسها بالموافقة واتجهت مباشرة ناحية المكان الذي أشار إليه.
دخل المطبخ وجد آسر يجلس على طاولة الطعام مبتسما للولدين بينما يقول يزيد خلاص ياعمو كل يوم هستناك زي ما وعدتنا
رد آسر وهو يتناول قطعة الخبز من على الطاولة خلاص يابطل كل يوم هخلص شغل وآجي اقعد معاك كتير ونلعب سوا وتغلبني زي كل مرة
دلف ياسر قائلا لآسر أنت مش ربنا كرمك واشتغلت التزم بقى عشان تقف على رجلك
رد عليه آسر وهو يمضغ الطعامأنا لو عندي مليون شغلة مفيش حاجة تقدر تحوشني عن يزيد ويزن
ابتسم ياسر لأخيه ثم سأله بحيرة أنت شايف إن غصون دي تؤتمن على الأولاد
أجابه آسر بجدية أنت ربنا بيحبك يا ياسر عشان بعت البنت دي لأولادك.. دي جوهرة أقسم بالله وكمان بتحب الولاد أوي وانا شوفت ده بعيني اتطمن انت بس ومتشلش هم
تنهد ياسر لايعلم أيصدق الجميع ام يصدق قلبه القلق والغير مطمئن.
نهض آسر يقبل الأولاد ويقول سلام ياحبايبي سلام ياياسر عشان رايح المطعم
رد عليه ياسر بالسلامة ياآسر
اتجه آسر خارجا من المطبخ وقبل أن يخرج التف لأخيه متسائلا ياسر.. عملت إيه في الموضوع اللي قولت لك عليه
سأله ياسر بعدم فهم موضوع إيه
قال آسر بحماس موضوع الخطوبة يادكتور
ابتسم آسر وسأله بتحب البنت
أجابه آسر بحيرة مش حب بالظبط بس فيه حاجة بتشدني.. بتلمس مشاعري
ابتسم ياسر لأخيه وقال أعتاب الحب ياآسر لو عايزها حدد ميعاد مع والدها وانا هآجي معاك نخطبها
شعر آسر بسعادة وقال متحرمش منك يا أحلى أخ ف الدنيا عقبال عندك أنت كمان اما تلين كده وتفكر
عبس وجه ياسر وقال احنا مش اتفقنا محدش يفتح الموضوع ده تاني.. شوف انت موضوعك وخد قرارك وانا معاك في اللي تعوزه
عاد آسر وقبل رأس أخيه وقال ربنا يخليك ليا ياياسر ومش عايزك تزعل مني
ربت ياسر علي كتفه بحنان وقال يطمئنه مش زعلان ياحبيبي ربنا يسعدك.. وياللا عشان متتأخرش على شغلك
تجلس بتوتر ورهبة غريبة لم تشعر بها من قبل رغم كل الصعاب التي مرت بها ولكنها اليوم في حالة توتر غريبة لا تعلم ماهيتها لا تعلم هل اتخذت القرار الصائب عندما وافقت ياسمين علي طلبها أم أخطأت لا تنكر أنها كانت على أتم الإستعداد لأي عمل يجلب لها مصدر رزق حلال إلا أن تعمل في منزل رجل أعزب وعلى الرغم أن ياسمين أخبرتها أنه دائما في عمله وعند عودته سينتهي يومها وتعود للمبيت في مسكنها ولكن مجرد قرب ذلك الرجل