روايه جديدة
بسبب انشغالها الشديد بمذاكرة دروسها حيث أنها في عامها الأخير من مرحلة الثانوية ظنت أنها هي وأخاها يكتفيان بعدة المكالمات التي تدور بينهما وبين أبيهما خلال الأسبوع ولقائه الأسبوعي بهم الذي تتعمد حينها الإبتعاد عن المنزل حتى يخرج لم تكن تعلم أن تلك الفتاة تحمل كل هذا الألم في صدرها بسبب غياب أبيها عن المنزل استعادت تلك الحوار الذي دار بينهما صباحا عندما أعدت ياسمين لهم الإفطار ورفضت جني الجلوس معها على الطاولة وتناول الإفطار فذهبت لها الغرفة لتطمئن عليها وتسألها خير ياجني مجتيش تفطري معانا ليه.. أنا وأخوكي بنستناكي
اقترب منها أمها بقلق تسألها أنتي تعبانة ياحبيبتي
ردت عليها بلهجة صارمة أيوة يامامي تعبانة
تحسست أمها جبينها بلهفة إيه اللي تاعبك
ياقلب مامي.. قومي نروح لل
قاطعتها جني بصرامة حياتنا يامامي حياتنا اللي تعباني
ذهلت ياسمين في البداية وبعد أدركت ما تقصده ابنتها فجلست على طرف فراشها وسألتها بهدوء وإيه اللي تاعبك في حياتنا ياجني
أجابتها ياسمين بحزم إيه اللي ناقصك في حياتك ياجني أظن أنا مقصرتش ف حاجة
ردت جني پقهر بابي اللي ناقصني
تنهدت ياسمين بذلك الۏجع الذي لا يفارقها وقالت بقوة مزيفة أظن أنا ممنعتش بابي عنكم بيكلمكم كل يوم وبيجي يقضي معاكم نهاية الأسبوع
نهضت ياسمين وقالت بصرامة أنا حرة اتصرف زي ماأحب وأظن اللي بيني وبين بابي المفروض إن محدش يتدخل فيه
ردت عليها جني پقهر اللي بينكم ده يبقى إحنا يامامي أنا وفادي اللي من أبسط حقوقنا إن نعيش وسطكم أنا اللي من حقي إن بابا يكون جمبي في فترة عصيبة زي دي ف حياتي ولا فادي اللي بقى طول الوقت ساكت وحزين وحضرتك عاملة نفسك مش واخدة بالك وأنت عارفة هو أد إيه متعلق ببابي
قادت السيارة وهي في حيرة من أمرها أهي حقا مخطئة في إبعاد مراد عن حياتها وحياة أبنائها أم أنها إمرأة كأي إمرأة لها كافة الحقوق كما أدت واجباتها دائما لا تعلم ماذا عليها أن تفعل إن كانت اليوم تمردت ابنتها على ذاك الوضع فماذا سيفعل غدا أخوها ذو الخامسة عشر عاما هل ستستطيع أن تصمد على قرارها في الطلاق وتحتفظ بمكانتها العملية التي سعت من أجل تنميتها سنوات طوال أم ستجعل سعادة أبنائها واستقرارهم نفسيا في المرتبة الأولى وبعدها ستفكر في نفسها.
ابتسمت لها ياسمين وردت عليها صباح الخير يا نوران.. إيه الأخبار
أجابتها نوران كله تمام يافندم بس البنت اللي اسمها غصون اللي جت لحضرتك قبل كده جيت لقيتها بتسأل على حضرتك والعمال قالوا أنهم لقوها قاعدة أدام السنتر قبل مايفتحوا
ردت نوران هي كان شكلها تعبان فطلبت مكان ترتاح فيه على أما حضرتك توصلي وأنا دخلتها أوضة التظبيط
قالت ياسمين تمام خليها وأنا هروح لها أنا وبالفعل ذهبت ياسمين إلى هذه الغرفة وفتحتها وجدت غصون تفترش الأرض نائمة وتحت رأسها بعض الأكياس البلاستيكية التي تحوي فوائض القماش.
اقتربت منها ياسمين وجلست على ركبتيها وهزتها غصون غصون
استيقظت غصون بفزع ثم أدركت مكانها فنهضت جالسة بتثاقل وهي تسند بطنها بيدها وتقول ست ياسمين
نظرت لها ياسمين بحيرة وسألتها إيه اللي منيمك كده على الأرض ومال بطنك
ردت عليها غصون بدموع أنا جاية واقعة في عرضك ياست ياسمين شغليني عندك هنا إن شاء الله أمسحلك المكان ولا أعمل أي حاجة أنا معرفش حد غيرك وضاقت بيا الدنيا خلاص
مسدت ياسمين علي كتفها تطمئنها وقالت طب اهدي بس وأنا هعملك اللي يريحك.. بس قومي معايا على مكتبي وفهميني كل اللي حصل
بعد دقائق كانت تجلس ياسمين مصډومة مما سمعته من غصون عما فعله بها زوجها عديم القلب الذي حرمها من أعظم نعمة من الله على إمرأة لها أن تكون أما فردت عليها بعتاب بس أنتي غلطانة ياغصون إزاي تسكتي ع اللي عمله الحيوان ده لازم يتعاقب وبترمي في السچن عشان يعرف جرم اللي عمله
ردت عليها غصون بإنكسار أنا كفاية عليا إني اتطلقت منه وارتحت منه بقية عمري
أشفقت على تلك الفتاة المنكسرة المحطمة فاقتربت منها ومسحت على كتفها وقالت متزعليش نفسك ربنا عنده العوض بس فين أهلك من كل ده إزاي محدش يقف للبني آدم ده ويجيبلك حقك .
نظرت غصون أرضا وسقطت دموعها وقالت أصعب كلمات نطقها لسانها أصل أنا أصل أنا بصراحة مليش أهل..
الناس اللي كنت عايشة معاهم قبل ماأتجوز لقوني في الژبالة وبعدين خدوني وربوني وكبروني وأنا مكنش ليا غيرهم أم وأب ومن حوالي أسبوعين أمي اللي ربتني ماټت ومن بعدها الدنيا قفلت في وشي وحصل اللي حصلي ده وأما جيت أرجع مبقاش ينفع وقالوا ان أبويا هيتجوز في الشقة وانا مينفعش اعيش معاه في بيت واحد ولازم ارجع لجوزي وانا المۏت عندي اهون من أني ارجعله تاني وأنا معرفش أي حد لقيت رجلي جيباني لعندك ومش عايزة منك غير أي شغلانة اشتغل فيها وأنا هدور على أي أوضة أعيش فيها
سقطت دمعتين من ياسمين علي حال تلك الفتاة البائسة ونظرت ليدها التي تسند بطنها وكأنها تهديء ألم الچرح بها فقالت بصوت حزين وأنتي هتشتغلي إزاي بچرحك ده مش لما تطيبي الأول
مسحت غصون دموعها بيدها الأخرى وقالت بإصرار مع الوقت هيخف ويطيب وصدقيني انا شاطرة وبعمل كل حاجة وأي حاجة هتطلبيها مني هنفذها
التقطت ياسمين مفاتيح سيارتها من على سطح المكتب المجاور لها ونهضت قائلة قومي معايا
ردت عليها غصون بعدم فهم أقوم فين
ردت عليها غصون هنروح البيت عندي هتقعدي معايا اما نشوف هنعمل إيه
استيقظت سدن فلم تجد غصون بحثت عنها الشقة بأكملها فجلست تبكي بحړقة تبكي أما تركت لهم حياة مظلمة يتخبطون بها من شدة ظلامها تبكي أختا ظلمتها الحياة ونبذتها بوصمة ليس لها ذنب في حدوثها.
عادت سدرة من عملها التي باتت فيه فوجدت أختها تبكي فعلمت أنها تبكي حزنا على أمها التي تركتهم لقسۏة الحياة وظلمها فقالت بحزن بټعيطي ليه ياسدن أمك ارتاحت من الدنيا واللي فيها عقبال عندنا
ردت عليها سدن بصوت باك أنا بعيط عشان غصون
جلست سدرة بجوارها تتذكر محادثة غصون لها ليلة أمس تطلب منها أن تذهب لأخذها من المستشفى بعدما فقدت جنينها فردت على سدن بهدوء آه عرفت إنها سقطت.. ربنا يعوض عليها
رفعت سدن عينيها لسدرة وقالت پقهر هو جت على كده بس أنتي متعرفيش إيه اللي حصل ثم قصت عليها ماحدث من زوج غصون ثم عودتها للمنزل ومافعلته عمتها بها وخروجها من المنزل دون أن تشعر بها وأنهت ذلك قائلة أنا مشوفتش أقسى من عمتك حميدة في الدنيا
ردت عليها سدرة بشرود هي عمتك حميدة بس اللي قاسېة الدنيا بحالها قاسېة واحنا خلاص اتعلمنا واستسلمنا لقساوتها وغصون ماهي عاشت خمس سنين مع الزفت سعد واستحملت نتانته وقرفه ومد إيده وذلته فيها وكانت راضية زعلانة ليه دلوقتى كويس إنها رجعت له حتى تلاقي أربع حيطان يستروها بدل ما تتمرمط هنا ولا هناك .
نظرت لها سدن بتعجب وردت عليها بحدة إنتي بتتكلمي بجد أنتي إزاي كده!!.. شايفة أنه الأحسن إنها ترجع لجوزها بدل ماتحطي إيدك ف إيدي ونقف لأبوكي وعمتك ونرجعها ولا نمنع أبوكي إن يجيب الهانم اللي اتجوزها البيت معانا
ردت عليها سدن ببرود تبقى غلطانة لو وقفتي في وش أبوكي ولا عمتك سيبيهم يعملوا اللي يعملوه وسيبي غصون تعيش وربنا مش هينساها أنتي دوري على نفسك امتحاناتك ع الأبواب وهتخلصي جامعة واشتغلي وعيشي حياتك واعتبري انك عايشة في لوكاندة لحد ماربنا يفرجها علينا من عنده ونهضت تسحب حقيبة يدها واتجهت لغرفتها في هدوء.
هزت رأسها بنفي كيف لها أن تفكر في نفسها في فقط كيف لها أن تتخلى عن تلك المسكينة وتتركها تحت براثن ذلك الۏحشي قلبها وعقلها يرفضان ذلك حتى وأن صدقت في بعض الكلام ولكن كيف لها أن تكون بتلك الأنانية.
يطفئ سيجارته ويفرك جبينه من ذلك الصداع اللعېن الذي يفتك برأسه من مساء الأمس منذ أن عاد من المستشفى يشعر بالحرج من نفسه ومنها بعدما عرض عليها الزواج دون تفكير مسبق وهي الأخرى قابلته بالرفض والإهانة يتذكر وابل السباب الذي أطلقته بعدما طلب منها الزواج وهي تنظر إليه بحنق جواز إيه يامجنون أنت شوية الهبل اللي بتعملهم دول مش عليا أنا أنا مش هفرح زي الأفلام وتقضي معايا يومين وتخلص بحجة الجواز هما خلاص بنات الناس لعبة في إيديكم للدرجة دي ثم نهضت وقالت بإشمئزاز عالم مريضة ثم
ذهبت من أمامه وهو في ذهول من نفسه أعظم من ذهوله من رد فعلهاكيف له أن يقدم ذلك الطلب من فتاة لايعلم عنها سوي اسمبين أحضان عاهرة حتى يستطيع نسيانها...كما يفعل دائما كلما فشل في عمل أو هزمته الحياة.
فاق من تلك دوامة الأفكار الذي أغرقته ليلا بأكمله على طرقات الباب ثم فتحه لتدخل منه أمه الذي لم تتغير منذ سنوات لم يتغير منها سوي شعرها الذي كساه بعض الخصلات البيضاء وهي تداوم كل فترة على صبغه حتى تظل كما هي جميلة وقوية رغم أن قوتها الذي عهدها الجميع قد ضعفت منذ سنوات طويلة عندما تركها زوجها وانفصل عنها وسافر خارج البلاد ولم يعد وترك لها أربعة أبناء أصغرهم يمني خمس سنوات ومنذ ذلك الحين وهي قد انكسر شىء بداخلها لم تصلحه كل هذه السنوات هي تعترف لنفسها أنها لم تكن تلك الأم المثالية في حياة أبنائها فقد انشغلت عنهم كثيرا في عملها التي لم تتركه سوي منذ عشر سنوات وعلاقاتها الإجتماعية الكثيرة التي مازالت تحتفظ بها حتى الآن كانت تريد دائما الظهور في جميع المناسبات وهي في أبهى صورها حتى تظهر للجميع أنها المرأة القوية الجميلة الذي خسر من تركها وهذا التحدي الذي كانت تسعي من أجله اخذ منها الكثير والكثير وأهمها هو القرب من أبنائها الذين سلك منهم الطرق الصحيحة في الإعتماد على أنفسهم وبناء حياة بعيدا عن ذلك الإنفصال المشوه بين أمهم وأبيهم كياسمين وياسر ومنهم من عاش يتخبط في ظلمات الحياة كآسر ويمني تلك الفتاة الهشة التي لم تأخذ درسا سوي من الحياة ولم تقوي إلا من صفعاتها.
نظرت له أمه بغموض ثم سعلت عندما وصلها الدخان الذي عبأ الغرفة لليلة كاملة فقالت من بين سعالها افتحي ياآسر الشباك ده وأنت إزاي قاعد في الأوضة كده
بالفعل نفذ ماطلبت واقترب من الشباك يفتحه سمعها يقول ممكن أفهم يا آسر انت ويمني مالكم امبارح من وقت مارجعتم وانتوا قاعدين في اوضكم وقافلين على نفسكم
تنهد والټفت لها يتصنع الإبتسامة وقال يمازحها قولي بس ياقمر إنك محتاجاني اقعد معاكي وأنا كنت جيت لك جري
نظرت له بنصف عين فهي تفهمه جيدا تعلم أن ذلك المزاح يخفى وراءه قلق وتوتر وحزن عميق ولكنها هي الأخرى مثلت أنها صدقته وقالت عايزاك تيجي تفطر معايا لأن اختك لسه نايمة وتتفضل تفضي أوضتك عشان الست اللي بتيجي للتنضيف كل أسبوع جاية النهاردة
رد عليها بهدوء افطري أنتي ياحبيبتي وأنا هستني يزيد ويزن عشان واعدهم اخرجهم بعد ماافك الجبس وهقضي اليوم معاهم بره
تنهدت بإستسلام والټفت تقول حاضر هفطر لوحدي زي ماأنا عشت عمري كله لوحدي
إنتبه لرنين هاتفه الذي يصدح في الغرفة فذهب ليري من المتصل فوجدها ياسمين أجابها صباح الخير يا سمسم
ردت عليه على الجانب الآخر صباح الخير ياآسرممكن تجيلي البيت فورا
شعر بالقلق عليها فأراد طمأنتها حالا ياحبيبتي بس طمنيني فيه حاجة
أجابته كل خير ياآسر بس محتاجاك معايا ف حاجة كدا
رد عليها بإطمئنان طب الحمد لله بس ممكن نص ساعة بس عشان مستني ولاد ياسر وأجيبهم معايا
ردت عليه لا ياحبيبي أنا كلمت ياسر لأني محتاجاه ضروري وهو هيجي عندي وهو الولاد تعالي أنت لأني محتاجة منك شوية حاجات تعملها
أجابها تمام مسافة السكة وهكون عندك
رفض النوم أن يزورها ساعات راحتها التي تنامها قبل أن
تذهب لعملها المسائي قسۏتها التي تعيشها لم تكتسبها سوي من مرارة الغدر والخذلان جعلوا منها فتاة قاسېة لم تعد تبالي