عشق الهوى
عايزاك توديني عند تمثال الحرية... اصلي ھموت وشوفه من قريب.
خالد بس كدا... حاضر يا ست مريم اعتبري نفسك هناك.
وبالفعل اخذها خالد الى منطقة تمثال الحرية واستمتعت بمشاهدته من بعيد كما انه اخذها الى عدة مناطق جميلة في نيويورك وانتهى بهما المطاف واقفين على رمال شاطئ المحيط الأطلنطي فاخذت نسائم الهواء الباردة تلفح وجهها وهي تحدق بالأمواج المتضاربة وتبدو انها سرحت في خيالها وسافرت بأفكارها الى مكان اخر بعيد كل البعد عن نيويورك... اما خالد فكان واقفا خلفها على بعد عدة خطوات واضعا يديه في جيب بنطاله ويراقبها بأهتمام كبير حيث انه لم يشاء ان يعكر عليها خلوتها مع نفسها فتركها تفكر بصمت وكأنه غير موجود اساسا .
فابتسم خالد شبح ابتسامة وقال تقدري تبتدي شغلك من دلوقتي لو تحبي... وكمان مكانك في الشركة محفوظ انتي وصاحبتك .
تنهدت مريم بعمق وقالت يبقى احنا هنبتدي شغل من بكرا...وبتمنى اننا نبقى عند حسن ظنك .
تسارع في الاحداث..........
فابتسمت قائلة ان شاء الله...و دلوقتي عن اذنك.
قالت ذلك ثم نزلت من السيارة ووقفت تراقبه وهو يهم بالمغادرة وبعدها دخلت إلى فناء المنزل ثم فتحت الباب فوجدت سهيلة وكنتها جين جالستين في غرفة المعيشة برفقة الهام التي كانت قلقة للغاية فقالت انا رجعت يا جماعة.
فابتسمت مريم ابتسامة حزينة اثارت القلق في قلب الهام وقالت زهقت من قعدة البيت وقلت اخرج شوية علشان اتمشى.
سهيلة طيب ليه قفلتي موبايلك قلقتينا عليكي يا بنتي.
مريم انا متقفلتوش بس شحنه خلص.
فقالت جين بلكنتها المكسرة حمد لله على سلامتك يا مريم... متتخيليش الهام كانت خاېفة عليكي قد ايه.
قالت ذلك ثم صعدت إلى الغرفة...فلحقت بها
الهام وعندما دخلت سألتها مالك يا مريم شكلك مش مطمني ابدا ايه اللي حصل
في تلك اللحظة لم تمنع مريم نفسها عن البكاء فبكت وهي ترمي نفسها على صديقتها التي اصابها الذعر وقالت انتي بټعيطي ليه بټعيطي يا حبيبتي
أومأت مريم برأسها دليلا على نعم واردفت انا روحت المستشفى وعملت تحليل واكتشفت اني حامل بقالي اربع اسابيع.
فتنهدت الهام بقوة واخذت تربت على ظهر صديقتها بلطف قائلة خلاص يا حبيبتي... متزعليش نفسك ابدا بلعكس انتي لازم تبقي مبسوطة لأنك هتبقي ام بعد 8 شهور.
فأمسكت الهام بيدها واجلستها على السرير ثم قالت بنبرة صوت حنونة اوعي تفكري انك تجهضي يا مريم لأنك لو عملتي كدا هتندمي طول عمرك... دا روح ربنا خلقها وجايز عمل كدا علشان يعوضك عن خسارة اختك وانتي لازم ترضي في اللي قسمه ربنا وصدقيني مش هتخسري اي حاجة...ولو كان على ازاي هتربيه فانتي تقدري تربيه لوحدك وتخلي بالك منه كويس زي ما كنتي بتخلي بالك من اختك مرام الله يرحمها بعد ما مامتك ماټت وسابتكوا لوحدكوا.
فنزلت دمعة متمردة من عيون مريم التي اردفت بمرارة وادهم... لو عرف اني حامل بأبنه أكيد هياخده مني بعد ما اخلفه وانا مش هقدر استحمل ان دا يحصل.
الهام ازاي هيعرف وانتي بعيدة عنو يا حبيبتي دا انتي سبتي مصر علشانه وكمان
مقولتيش لحد
انتي رايحة فين يعني هو مش هيعرف ابدا الا لو انتي عايزه تخليه يعرف.
فهزت مريم رأسها بالنفي قائلة لأ مش عايزاه يعرف اي حاجة.... اساسا انا قررت اطلعه من حياتي نهائيا وهبتدي حياة جديدة هنا وهقدر اخلي بالي من ابني كويس.
فابتسمت الهام ابتسامة حزينة وقالت بس... بس انتي لسه مراته يا مريم حتى لو رحتي اخر الدنيا وهربتي منه انتي هتفضلي مراته بالشرع والقانون ومن حقه يعرف انك حامل بأبنه .
فقالت
مريم بنبرة صوت مچروحة يملؤها الڠضب هو ملوش اي حق عندي... اساسا انا معتبرتوش جوزي ابدا لانه....لانه ما يستهلش اعتبره كدا بعد معاملته القاسېة واللي سببت چرح كبير في قلبي علشان كدا انا قررت انساه ومش هسيب الجوازه المزيفة دي تأثر عليا ابدا وهقدر اعيش هنا مع ابني لوحدنا.
فابتسمت الهام واستطردت مش
لوحدكوا... انا معاكوا كمان .
الهام انتي اختي يا مريم ودي اقل حاجة ممكن اعملها.
قالت ذلك ثم ابتعدت عنها واظافت بس هتعملي ايه دلوقتي انتي هتقولي لبيت عمي انك حامل
مريم لا مش هقول... مش عايزه احملهم همي انا وابني... وكمان انا لاقيت لينا شغل وهنبتدي من بكرا لان ما ينفعش نفضل هنا من غير ما نشتغل.
الهام شغل فين
مريم انتي فاكرة الراجل المصري اللي تعرفنا عليه في الطيارة
فقالت الهام بلهفة قصدك المز حبيب قلبي خالد نجم !
فضحكت مريم رغما عنها وقالت ايوا هو... انا قابلته النهاردة وقررت اقبل الشغل عنده وهو فرح اوي وقال انك انتي كمان تقدري تبتدي شغلك وان مكانا في شركته محفوظ.
فاتسعت ابتسامة الهام وسألتها بجد يا مريم هو قال كدا !
مريم ايوا يا حبيبتي.
الهام دي هتبقى اسعد ايام في حياتي كلها... باين ان ربنا هيعوضني عن كل حاجة سبتها في مصر بحاجات اجمل هنا في نيويورك .
تسارع في الاحداث............
في مصر ......
كان جالسا في غرفة المكتب التي في منزل العائلة ذات الأضاءة الخاڤتة يهز قدمه اليمنى دون توقف ويبدو عليه التوتر ونفاذ الصبر عيناه كانتا تحدقان بهاتفه بأستمرار وكأنه ينتظر مكالمة هاتفية ستحدد مصير العالم وفجأه رن الهاتف بيده فأنتفض من مكانه مثل المچنون واجاب عليه بسرعة ها يا عاصم...لاقيت اي معلومات عنها
فقال عاصم ايوا يا فندم انا لاقيت معلومات بس....
فصاح ادهم به بنفاذ صبر بس ايه اتكلم !
فتنهد عاصم وقال بس المعلومات اللي لاقيتها مش هتساعدنا علشان نلاقيها في نيويورك لان محدش يعرف هي ليه راحت هناك.
ادهم انت فين دلوقتي
عاصم انا بقيت قريب من بيت حضرتك يا فندم .
ادهم قدامك عشر دقايق يا عاصم علشان اشوفك مزروع قدامي انت سامع
عاصم حاضر يا فندم.
ثم اغلق ادهم هاتفه ورماه على طاولة المكتب وبعدها وكأنه يحاول ان يقطلعه من جذوره وهو يعيده للخلف ثم قال بصوت مجروح فينك يا مريم ايه اللي وداكي نيويورك يا حبيبتي
وبعد مرور عشر دقائق بالفعل....
كان عاصم واقفا امامه ويبدو عليه التوتر وهو يراقبه بينما
كان يقرأ المغلف الذي بين يديه وهو يعقد حاجبيه بشدة ويبدو من ملامح وجهه المتجهمة ان المعلومات التي كان يقرأها لم تسره ابدا فقال بزمجرة ايه دا يا عاصم !
ابتلع عاصم ريقة وقال المعلومات اللي طلبتها يا فندم.. انا اسف بس دا كل اللي قدرت الاقيه عن البنت اللي اسمها مريم مراد عثمان.
فرمى ادهم المغلف على الأرض وهب ناهضا وهو يضرب طاولة المكتب بيديه ثم صاح بزمجرة مشټعلة دا كل اللي قدرت تلاقيه امال فين شطارتك يا استاذ ...انت حتى معرفتش تلاقي بنت وحده مع اني اديتك معلومه مهمة وقلتلك انها سافرت نيويورك وجاي دلوقتي تقولي ان دا كل اللي قدرت تلاقيه ازاي هتقدر تحمي شركة فيها 500 موظف وانت مش قادر تنفذ مهمة صغيرة زي دي
فاحنى عاصم رأسه قائلا انا اسف يا فندم بس زي ما قولتلك قبل كدا اننا مش مباحث ولو تحب انا هقدم استقالتي فورا .
فتنهد ادهم بقوة بعد ان سيطر على انفعاله وقال روح شوف شغلك يا عاصم ...ومش عايز حد يعرف حاجة عن الموضوع دا انت فاهم
عاصم حاضر يا فندم.
قال ذلك ثم انسحب من الغرفة بسرعة... اما ادهم فجلس مجددا على كرسيه واسند ظهره عليه واعاد رأسه إلى الوراء مغمضا عيناه بشدة مكون شق عميق بين حاجبيه وسرعان ما اطلق تنهيدة طويلة جعلت قسمات وجهه تسترخي ثم فتح عيناه مجددا ونظر إلى المغلف الذي رماه على الارض
بلحظة ڠضب وبعدها التقطه واخذ يتصفحه بأهتمام كبير فهو يحوي كل المعلومات عن حبيبة قلبه مريم منذ ان كانت صغيرة حتى اصبحت شابة جميلة... وما شد انتباهه اكثر من بين جميع هذه المعلومات هو خبر ۏفاة والدها وبعده امها ومن ثم اختها الامر الذي جعله يشعر بالألم يأكل قلبه لمجرد انه تذكر كيف باعته نفسها لكي تنقذ اختها.
وضع المغلف من يده واسند يديه على الطاوله بملامح حزينة ثم اخرج القلادة الفضية من جيبه وفتحها لينظر إلى صورتها پألم وشوق فهو لم يراها ابدا بعد اخر لقاء لهما في الفيلا الخاصة به فلم يستطيع منع دمعته الخائڼة التي تسللت من عيناه لتسيل على وجنته مخلفة اثار خلفها وهي ټحرق خده بسخونتها وملوحتها ... بعد ان وجد شعاع الأمل عاد ليفقده مجددا لانه لا يعلم اين تمكث معشوقته في ولاية نيويورك الكبيرة التي يبلغ تعداد سكانها أكثر من 8100000 نسمة ...كيف سيجدها وهو لا يمتلك اي فكرة عن مكان اقامتها فبات البحث عنها بالنسبة له كمن يبحث عن آبرة في كومة قش لذا استوطنت الاحزان في قلبة وجعلته يصبح كالاسد الجريح .
جلس لمدة ساعة يفكر ويفكر وعندما عجز عن ايجاد حل قام بفتح درج مكتبه الذي كان مغلقا منذ خمس سنوات واخرج منه دفتر قديم غلافه كان مصنوعا من الجلد فوضعه على الطاولة امامه نظر إليه مطولا وكان يبدو متوتر للغاية ولكن سرعان ما فتحه واخذ يحدق بقصائد الشعر التي كتبها على اسطر هذا الدفتر عندما كان اصغر سنا مفعما بالأمل والحياة حيث كان شاعرا رقيق المشاعر عاشقا لكتابة القصائد المعبرة بعيدا كل البعد عما هو عليه الان فامسك بقلمه الذي هجره منذ اكثر من خمس سنوات وكأن الشاعر العاشق النائم في داخله قد استيقظ اخيرا بعد سبات عميق ..فتح صفحة جديدة فارغة وبدأ يكتب على سطورها قصيدته التي تعبر عن ألم الشوق لمعشوقته الحبيبة مريم التي اسرته فاصبح سجين بمحراب عينيها الجميلتين.
فكانت قصيدته كالتالي
يا من في صوتها أسمع أعذب التغاريد ..
وفي بريق عينها أرى بهجة الحياة وفتنة المواعيد ..
قولي لي بربك يا مريم كيف سأحتمل اشتياقي الشديد
وألون دفتر حياتي بعد رحيلك إلى الرغيد..
يا من سافرتي