فى طريق العودة من الحج
انت في الصفحة 2 من صفحتين
كان الشيخ حسن رحمه الله ثابتَ القلب قويَّ الإيمان صلباً أمام النوائب ، فقد أعطاه الله رباطة الجأش والصبر منذ نعومة أظفاره … وقف على ظهر السفينة يُقلّب نظره بين السماء وأمّه وزُرقة البحر بأمواجه الهادره وهو يصارع أحزانه ، فماذا سيقول للمستقبلين الذين ينتظرون الشيخَ وأمّه؟!
كيف لهذا الشاب اليافع أن يلقي أمّه في البحر ؟!
كيفَ وكيفَ وكيف ؟! أسألةٌ كثيرةٌ كانت تعتصر قلبه ولا يجد لها جواباً إلاّ أن يتولّى هذه المهمة .
تمَّ تجهيزُ المتوفّاة حسب الأصول الشرعية ، ثمّ تم تكفينها ، وبعدها تم وضعها بين لوحين من الخشب ولفّها بأثقالٍ من الحديد تأخذها إلى أعماق البحر كي لا تتقاذفها الأمواج إذا بقيَتْ طافيةً على سطح الماء
جبينها وألقى بها من سطح الباخرة إلى البحر من الناحية الخلفية للباخرة ، وظلّ ينظرُ إليها وهي تغيب في شَقِّ الأمواج الذي تتركه الباخرة وراءها …
يقول الشيخ حسن رحمه الله ، وقفتُ أحدّق بها بعيونٍ تَرَكَتْ دموعَها للقلب ، فكم كنتُ أتمنى أن أبكي ولكن جلالُ المشهد جفّف المآقي ، وكلّ ما اذكره أنني كنتُ أطبقُ فكَّيَّ بقوةٍ سمعتُ معها صوت كسرٍ في فكّي لازمني طول حياتي
وفي زاوية من زوايا الباخرة على سطحها الحزين جلس الشيخ وكتبَ حزنه في قصيدةٍ قال فيها :
وطويتُ ذِكْرَ الظاعنين فما انطوى
عللتُ نفسي بالرجاء عشيّةً
فإذا الصباح بنارِ يأسٍ قد كوى
عفواً إلٰهَ الكون أنت رجاؤنا
من يَعْشُ عن ذكرى هداك فقد غوى
وأنا دخيلك يا إلهى فاحْمِني
من شرّ أهوال الزمان وما حوى
سَئِمَ الفؤاد من الحياةَ وبؤسها
والجسمُ مِنْ مَسِّ المصائب قد خوى
نفِدَ التصبُّرُ بعد طول تألُّمٍ
ففَزِعتُ للقرآن ألْتَمِسُ الدوا
فوجدْتُه يشفي الصدورَ ، ومَنْ يَرِدْ
آياتِه يصدُرْ بأوفرِ ما نوى
رحمَ الله الشيخ حسن ورفع مقامه في جنات النعيم ، ورحِمَ الله والدته ورفع مقامها ،
الدكتور وائل عبد الرحمن حبنّكة الميداني
اتممت القراءة فصلي على الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين