رواية بقلم منى سلامة
البيت رد على الهاتف ما هى الا لحظات حتى فتح والدها باب غرفتها بعدما طرق الباب وقال لها
كلمى يا ياسمين تليفون عشانك
تعجبت ياسمين من الذى يتصل بها على هاتف المنزل فمنذ أن تخرجت لم يبقى على اتصال بها الا سماح فقط والتى تتصل دائما على هاتفها المحمول نهضت من فراشها وتركت روايتها وسألت والدها
مين يا بابا
قالت بإندهاش مصطفى
ايوة هو انتى ليكي خطيب غيره
كانت هذه هى المرة الأولى التى يتصل بها مصطفى كانت العلاقة بينهما تقتصر على زيارته مرة كل اسبوع وأحيانا كل اسبوعين بسبب انشغاله بتجهيز عش الزوجية بالإضافة الى عمله الذى يلتهم معظم وقته توجهت الى الهاتف وقالت
السلام عليكم
أتاها صوته عبر الهاتف
تمام الحمد لله ازيك انت عامل ايه فى شغلك
كويس الحمد لله مش ناقصنى غيرك .. وحشانى أوى
تضرجت وجنتاها بحمرة الخجل فلم تعتاد سماع مثل هذه الكلمات منه أو من غيره .. كانت تحاول قدر
الإمكان الالتزام بوضع حدود للكلام بينهما .. فهى مازالت تعتبره رجلا غريبا عنها لا يحق لها سماع تلك الكلمات منه إلا بعدما يكتب الكتاب ..استطرد مصطفى قائلا
التزمت ياسمين الصمت ولم تدرى ماذا تقول له .. أتاها صوته وقد استطاعت تمييز نبرة الضيق فى صوته
خلاص براحتك ..
ثم قال فى برود
طبعا عارفه ان الفرح بعد أقل من اسبوعين .. أنا بس حبيت أعرفك ان خلاص تقريبا الشقة جهزت فيما عدى بعض الأمور البسيطة .. أنا حاليا فى البحر الأحمر وان شاء الله هنزل قبل الفرح ب 3 أيام أخلص الحاجات اللى فاضله .. فى حاجه انتى عايزاها أو حاجه حابه تقوليها
رد فى برود
لا شكرا .. سلام
مع السلامة
وضعت ياسمين السماعة ونظرت الى غرفة والدها وقالت لنفسها كان نفسي تفهمنى يا بابا .. أنا مبحبش أعصيك ولا عايزة أكسرلك كلمة .. بس ياريت تفهمنى شوية .. وتحس بيا قامت ودخلت غرفتها مرة أخرى وجلست على فراشها لتستكمل قراءة الرواية لعلها تستطيع أن توقف عقلها عن التفكير لترتاح قليلا
ادخل يا رأفت
دخل صديقه فوجده ممددا على السرير يعبث بأزرار هاتفه .. فاقترب منه قليلا وقال بمرح
فينك يا عريس .. انت هتختفى من دلوقتى ولا ايه .. لا اسمع لو الجواز هيغيرك متتجوزش خليك كده أحسن
ليه مالى في ايه
شكلك زى اللى واخد ألم على وشه ده منظر واحد فرحه بعد اسبوعين .. المفروض اللى زيك يكون طاير من الفرحه يا ابنى
قال مصطفى لصديقه فى تبرم
والله ما عارف انا لا مبسوط ولا فرحان
ليه بأه .. انت مبتحبش خطيبتك ولا ايه
بصراحة هى انسانه كويسه وكل حاجة يعني زوجة مناسبه لكن مش حاسس نحيتها بأكتر من كدة
ليه بأه .. طيب قولى هى حلوة
يعني .. عاديه .. مفيهاش أى حاجة مميزة
مادمت شايفها عادية ومفيهاش حاجه مميزة كنت بتخطبها وهتتجوزها ليه
عشان بنت محترمة سألت عليها طوب الأرض محدش قالى عنها حاجة وحشة بالعكس الكل شكر فيها وفى أهلها جدا والبنت فعلا قطة مغمضة
يعني هتتجوزها عشان كدة بس
بص يا رأفت انت عارف طبيعة شغلنا 3 أسابيع هنا و اسبوع أجازة .. لازم أتجوز واحدة أبقى واثق منها وأنا سايبها فى البيت ومسافر .. والبنت دى هبقى سايبها فى البيت وأنا مطمن لأنها زى ما قولتلك محترمة وقطة مغمضة
بس يا مصطفى ده ميكفيش عشان الحياة الزوجية بينكوا تستمر لازم يكون فى مقاومات أكتر من كدة تخليها تستمر
تقصد الحب والتفاهم و الكلام ده .. يا حييبى الحب والغرام
ده بيكون قبل الجواز بس .. الراجل بيعمل اللى هو عايزه لحد ما يوصل لسن خلاص لازم يتجوز ويفتح بيت لكن مفيش حاجة اسمها اتنين متجوزين بيحبوا بعض بلاش جو أفلام الأبيض واسود ده
تفكيرك غريب
لا تفكيري واقعى جدا
طيب و نهله مش انت برده كنت بتحبها
شعر مصطفى ببعض الضيق للتحدث فى هذا الموضوع لكنه قال
بص يا رأفت من الآخر كدة مفيش راجل بيتجوز واحدة كان ماشي معاها
ويلا سيبنى بأه عشان أكلت ودانى وصدعتنى أكتر ما أنا مصدع
اقتربت سيارة عمر من المزرعة التى كانت تقع فى احدى القرى بالقرب من
محافظة المنصورة وبمجرد أن وصل الى البوابة ظل يطلق زمور السيارة وينادى وأخرج رأسه من الشباك مناديا الغفير
عم عويس .. عم عويس
فتح البوابة رجل فى العقد السادس من عمره وقال وهو يمد رأسه مستطلعا القادم
مين .. انت مين
نظر اليه عمر وقال
افتح يا عم عويس . أنا عمر
أسرع الغفير بفتح البوابة على مسرعيها مرددا
عمر بيه يا أهلا يا مرحبا .. المزرعة نورت .. اتفضل يا بيه
انطلق عمر بسيارته وتوقف أمام بين كبير مكون من طابقين . .. على الرغم من أنه يبدوا قديما إلا أن له هيبه لا تغفلها العين
لحق به الغفير الذى أغلق البوابه وأسرع يجرب خلف السيارة حاملا طرف جلبابه فى فمه .. قال الغفير فى حبور
يا أهلا وسهلا المزرعة كلها نورت .. ليه ما قولتلناش ان سعادتك جاى كنت خليت صفية تنضف البيت زمانه مترب
قال عمر فى عجالة
لا تسلم يا عم عويس أنا أصلا مش هطول احنا ولو خلصت احتمال ارجع النهاردة .. فين مدير المزرعة
الباشمهندس محمد تلاقيه دلوقتى فى استراحة الغدا
شكرا يا عم عويس
قال ذلك وهو يربت على كتف الرجل وأسرع ليجد ليبحث عن المزرعة
كانت المزرعة ميراث والد عمر من أبيه .. أى أن هذه المزرعة ملكا لعمر أبا عن جد .. كانت مزرعة كبيرة ټخطف الأبصار بذلك الون الأخضر الساحر الذى يريح العين والأعصاب .. تم تقسيم المزعة وتخصيص أكبر مساحة بها لزراعة العنب الذى تميزت بزراعته مزرعة عمر على مر الأعوام السابقة فكان يتهافت علي محصوله التجار وأصحاب المصانع بسبب عناية عمر الشديدة بجودة المحصول وتوفير أجود أنواع الأسمده والمبيدات فلم يبخل عليها بشي فأعطته كل شئ .. وتحتوى المزرعة أيضا قسما لزراعة العديد من الموالح الأخرى .. لم يكن انتاج المزرعة نباتيا فقط فلقد توسع فيها عمر وخصص قسما للإنتاج الحيواني أيضا
عبر عمر بوابة المبنى الإدارى الذى خصصه لإدارى المزرعة وللعاملين فيها .. توجه الى قسم الطعام وألقى نظرة على الموجودين ثم توجه الى طاولة يجلس عليها رجل فى العقد الخامس من عمره كان يتناول طعامه فى نهم حينما قال له عمر
ازيك يا باشمهندس محمد
هب الرجل واقفا بمجرد أن رآى عمر وابتلع ما بفمه من طعام بسرعة ومد يده ليسلم عليه قائلا
اهلا وسهلا ازيك يا باشمهندس عمر
صافحه عمر ثم جلس على المقعد المواجه له قائلا
ايه الفاكس اللي بعتهولى النهاردة ده .. عايز أعرف المشكلة بالتفصيل
ابتلع الرجل ريقه وجلس فى مقعده مرة أخرى وقال
زى ما قولت لحضرتك فى الفاكس تشخيص المړض البياض الدقيقي
حاول عمر السيطرة على غضبه قائلا
الاصاپة وصلت لفين بالظبط
توتر الرجل قائلا
للأسف يا باشمهندس الاصاپة وصلت للأوراق والأغصان والأزهار والثمار
ضړب عمر بيده على الطاولة فإنتفض الرجل فزعا والټفت جميع من فى القاعة اليهما .. هدر صوت عمر قائلا
وكنت فين حضرتك يا باشهندس لما المړض انتشر فى الزرع بالشكل ده .. ومخدتش احتياطاتك ليه عشان تمنع الإصابة من قبل ما تحصل
والله يا باشمهندس عمر أنا عملت اللى عليا و .....
قاطعه عمر قائلا
هنشوف .. هنشوف اذا كنت عملت اللى عليك ولا لأ .. يلا قوم هنلف على المحصول كله توريني الإصابات
نهض الرجل معه فى استسلام
انهى الرجل جولته مع عمر الذى ازدادت حدة غضبه قائلا
ده اسمه اهمال يا باشمهندس انت عارف كويس ان عدم ازالة الأوراق اللى على جذر الشجيرات ده له دور كبير فى انتشار المړض
وقف الرجل وقد أخذت حبات العرق تنبت فوق جبيه ولم يستطع النطق
أكمل عمر فى ڠضب
والحشائش دى ما بتتشلش أول بأول ليه انت عارف انها بتسبب الإصابة بأمراض زى الزفت للزرع .. ده تسيب أمال بتقبض مرتبك على ايه بالظبط
بهت الرجل ولم ينطق ببنت شفه
فى المساء أغلق الغفير بوابة المزرعة بالحديد والسلاسل وتوجه الى غرفته ونادى زوجته
صفية .. صفية
لم ترد فبحث عنها فلم يجدها .. هم بالتوجه الى باب الغرفة ليبحث عنها بالخارج عندما
وجدها تدخل وتغلق الباب خلفها
كنتي فين يا صفية
هكون فين يعني .. كنت بجهز الأكل للباشمهندس عمر وبنضفله الأوضة اللي هينام فيها
طيب يلا عشان ننام
نام عم عويس وتدثر بغطائه ودخلت زوجته الفراش بجواره وأخذت تتطلع الي زوجها الذى أولاها ظهره لتتأكد من أنه أغمض عينيه ويغط فى النوم فأولته ظهرها وأخرجت من صدرها
حفنه من المال أخذت تنظر اليها فى فرح ثم أعادتها الى صدرها مرة أخرى
قامت كريمة من نومها فزعة وهى تردد
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
انتفض زوجها واستيقظ على صوتها وقام وأضاء نور الغرفة وقال لها
خير فى ايه مالك يا كريمة ..
كان حلقها جاف فلم تستطع التحدث وأشارت الى ابريق الماء الموضوع على الكمودينو .. فهم زوجها اشارتها وصب لها كوبا من الماء وأعطاه لها قائلا
اتفضلى يا حبيبتى .. اشربي واهدى
شربت كريمة كوب الماء بسرعة ونهم وكأنها كانت تسير فى صحرا .. أعطت له الكوب الفارغ فوضعه على الكمودينو مرة أخرى و قال لها
هنيا .. مالك فى ايه انتى تعبانه
قالت بعدما هدأت قليلا وبدأت ضربات قلبها فى الانتظام
لا .. بس شوفت حلم وحش أوى
خير اللهم اجعله خير
حلم خاص ب عمر .. كان قلبي هيقف من الخۏف
يارب سترك .. خير شوفتى ايه
بلعت ريقها فى صعوبة وكأن تذكر الحلم يعيد اليها خۏفها مرة أخرى .. قالت
شوفت عمر وهو واقف فى مكان فاضى مفيش أى
حد شايفه وفى حيه كبيرة فاتحه بقها و
وماشيه ناحيته أول ما شافها فضل يرجع لوره وهى برده عماله تتقدم ناحيته وكان
منظرها مرعب جدا وكانت مصره تأذيه
عمر كان وراه بير عميق وكان