رواية مع وقف التنفيذ للكاتبة دعاء عبدالرحمن(الجزء الأخير من الفصول)
بقت يتيمة يا فارس
نظر لها فارس وهو يشعر بالإشفاق تجاه والدته لطيبتها الزائدة حتى مع من يسيئون معاملتها وقال
مفيش حاجة يا ماما.. هى طلعت فى دماغها النهاردة الصبح أنها تروح هناك شوية وصممت .. خلاص براحتها
نظرت له والدته بريبة ثم تذوقت الأرز وهى تتمتم بإعجاب
والله شاطرة
رفع فارس رأسه ناظرا إليها بتسائل وقال
قالت والدته وهى تتناول طبقها
ولا حاجة .. مهرة أصلها نفسها حلو فى الرز
رفع حاجبيه وقال
هى اللى عملته !
أومأت برأسها وهى تكمل طعامها دون أن تنظر إليه فقال
فين طبق الرز بتاعى يا ست الكل
رفعت رأسها بدهشة وقالت
أنت مش قلت بتحب السبانخ مع العيش
مط شفتيه قائلا
هجربها مع الرز
نظرت له والدته وهو يأكل الإرز بإعجاب شديد وكأنه لم يأكله من قبل فلاحت ابتسامة صغيرة على جانبى شفتيها رغما عنها وبعد أن انتها من طعامهما ..أعد فارس الشاى كما يفعل دائما ...وضع واحدة أمام والدته التى قالت
أرتشف رشفة منه وأومأ برأسه قائلا
أيوا عندنا ماتش النهاردة بعد صلاة العصر على طول .. يدوبك أخلص وأرجع أغير هدومى وانزل على المكتب
أنهى فارس أغتساله وبدل ملابسه وارتدى حلته الرياضية استعدادا لماتش الملاكمة
نظر باسم لرقم الدنيا الذى تتضىء به شاشة هاتفه النقال بانتصار وخبث فقد كان متأكدا من اتصالها ولجوئها إليه من أجل المال فلقد صدق ظنه بها بل وثقته فى طمعها ... أجابها بترحاب شديد فقالت باقتضاب وهى تشعر بالتقزز منه وقالت
أصابه التوتر والقلق وقال بسرعة وهو يعتدل فى جلسته
لاء لازم تعطليه النهاردة بأى شكل .. مش لازم يكلم الراجل النهاردة خالص.. وإلا كل حاجة هتبوظ
قالت بتأفف
أمنعه ازاى يعنى أنا أصلا فى بيت ماما مش معاه وبعدين انت ناوى تعمل ايه انا لسه معرفش لحد دلوقتى ..
أنت غبية ولا ايه.. سبتى البيت ليه دلوقتى
صړخت به
أنت أيه يا أخى مبتحسش ..انا مش عارفة انت ناويله على ايه .. مش قادره أحط عينى فى عينه
أطلت من عينيه نظرات بغض شديده وهو يقول
هعدى عليكى بالعربية دلوقتى ..هنروح مشوار مهم وهناك هقولك انا ناويله على أيه بالظبط
ضحكت ضحكة عصبية وهى تهتف
ضغط حروف كلماته بغل واضح وهو يقول
أسمعى بقى ..أنت وافقتى تتعاملى معايا بمزاجك مرة تانية يعنى لازم تكملى للآخر ومټخافيش يا أموره انا مش عاوز منك حاجة.. المقابلة هتبقى فى الشارع .. ولو خاېفة أوى كده من مقابلتى هقولك هنتقابل فين علشان تطمنى
قالت بسرعة
نظر أمامه پحقد دفين وهو يقول
مباحث أمن الدولة
أتسعت عيناها ړعبا وهى تردد خلفه
مباحث أمن الدولة !
غير نبرة صوته وهو يقول
مټخافيش أوى كده .. أنا ليا واحد صاحبى هناك هيظبطنا فى الحكاية دى .. كل اللى عليكى انك تقدمى بلاغ صغير وملكيش دعوة بالباقى
هتفت ساخطة
وهقول ايه فى البلاغ ده واشمعنى انا اللى أقدمه
أنت مراته .. يعنى بلاغك هيبقى أهم من عشرين بلاغ تانى.. متنسيش أحنا عاوزينهم يتحركوا بسرعة قبل ما يتصل بالراجل ويبلغه بالرفض ..ومټخافيش عليه يا ستى محدش هيلمسه ..هما بس هيضايفوه عندهم لحد ما القضية تخلص والفلوس تبقى بتاعتنا
قالت وكأنها منومة وقد أنتزعت أرادتها
وهقول ايه فى البلاغ ده
أبتسم وهو يقول
هتقولى أنك شاكه أنه منضم لخلية أرهابية وأنه بيجتمع بناس معينة فى البيت عندكوا وبيتكلموا فى السياسة.. وحطى أسم أى حد من صحابه.. ويا سلام لو مربى دقنه
تقطعت أنفاسها وانقبض صدرها وهى تقول
بس أنا معرفش حد من صحابه غير أتنين بس .. وواحد فيهم مربى دقنه
ممتاز أوى حطى أساميهم الاتنين
صمتت وقد شعرت
أن السماء والأرض تلعنها وضاقت بها جدران بيتها وانقبض عليها فلم تسمح لها بالتنفس فشعرت بأضلاعها تتمزق صاړخة ببغضها تود الهروب ببعضها من بعضها ... لم ينتظرها حتى تستيقظ مما هى فيه وقال بسرعة
أنا مش عارف انت قلقانة من أيه.. قلتلك محدش هيلمسه بأى أذى ..صاحبى اللى هناك أكدلى كده ..كل الحكاية أننا هنكسب وقت لصالحنا مش أكتر من كده.. ومحدش هيعرف أن انت اللى بلغتى ولا حتى فارس نفسه ..ها قلتى أيه
أبتلعت ريقها وقت أمتقع وجهها بشدة وتحجرت مقلتيها وقالت بصوت مسحوق بأقدام الطمع
موافقة
وقف بلال على الحلبة وحيدا وهو يلوح لهما بذراعيه تارة ويضرب يديه بعضهما فى بعض تارة أخرى فتصدر قفازات الملاكمة التى يرتديها صوتا عاليا وهو يهتف بهما
أيه محدش قادر يواجهنى ولا أيه
دفع عمرو فارس للحلبة وهو يقول لبلال
لالا أوعى يغرك جسمك .. أنت باين عليك متعرفش فارس .. ده أيده طارشة
دفع فارس يد عمرو بعيدا عنه ثم صعد إلى الحلبة وقال ل عمرو
طول عمرى بقول عليك ندل ياض
بدا بلال يلاعبه بمرح شديد ويعلمه بعض الفنون التى تجعله يتفادى الضربات بحرفية شديدة ولقد كان فارس تلميذ بارع ..تعلم سريعا وبدا يناوش بلال ببعض الضربات الخاطفة