الإثنين 25 نوفمبر 2024

تربصت بأعيني كاملة

انت في الصفحة 5 من 24 صفحات

موقع أيام نيوز

حتى وقفت أمامه فزمجر الذئب بخفة فارتد تميم للخلف خشية فمسدت على رأسه وقالت
متقلقش يا ملار مفيش أي خطړ .. إهدى .. إهدى..
نظرت لتميم فلم تشعر إلا بقلبها يطرق بقوة ولا تعلم ما سبب هذا الآن .. فقط تريد أن تظل تنظر إليه ... حتى أنها رفعت يدها تضعها على قلبها علنا..
تعجب تميم إلا أنه دون دراية تأمل عينيها الغريبة جدا .. ليس لونها بغريب ولكن بها بريق مجهول يجذبك بداخلها حتى ټغرق.. 
بريق من العجب أن يكون براءة صافية لأبعد حد .. كيف براءة لفتاة بمثل هذه الملابس وفي صحبتها ذئب وبومة..!!!
أفاق تميم وأبعد أنظاره وهو يلوم نفسه الأمارة بالسوء ويتمتم بالإستغفار مرارا..
قالت غفران دون دراية تتسائل
إنت بتقول أيه..
قال في تعجب من طبيعتها ووضوحها
بستغفر..
تسائلت بما خشب جسده
يعني أيه استغفار.
مرر صډمته وأجابها ببساطة
يعني بتقولي استغفر الله العظيم وأتوب إليه بتطلبي من ربنا الغفران عن أي حاجة وحشة أو سيئة عملتيها..
بترجعي لربنا بيه وتذكري اسمه العظيم..
رددت في عجب وهي تزيد النظر بوجهه بحماس لم تشعر به وأذن صاغية
الغفران .. أنا اسمي غفران .. يعني أيه الغفران..
ابتسم بلطف على طريقتها الطفولية وبريق أعينها الحماسي وقال ولم يسألها شيء رغم التعجب الذي يفتك به
اسم غفران اسم جميل ومعناه أجمل..
الغفران هو السماح .. يعني تسامحي أي حد عمل في حقك أي حاجة .. تعفي عنه يعني..
جلست على جزع أحد الأشجار وتسائلت بشرود وهي تنظر للسماء
طب ربنا بقاا بعد ما تطلب منه الغفران بيغفر ويعفو صح .. مش ربنا في السما صح..
كان تميم مصعوق مما يسمع والفضول نحوها زاد .. وحب أن يعرف سرها تمكن منه قال بنبرة لطيفة لينة
ربنا هو الرحمن الرحيم.. مش بيرد إيد أي حد فاضية أبدا .. بيغفر الكبيرة قبل الصغيرة..
طبعا ربنا في السما ومطلع وعالم بكل شيء حتى إللي في سرنا وإللي بنفكر فيه..
بس قوليلي إنت مسلمة يا غفران..
ردت بتيهة
مش عارفة .. يعني أيه أصلا مسلمة.!
كان تميم بقمة تعجبه لكن استفهم بترقب
طب إنت طول عمرك في المكان ده .. عمرك ما خرجتي من هنا..روحتي جامعة أو اختلطي بالناس..
لا من ساعة ما وعيت وأنا هنا .. مخرجتش أبدا من هنا بس بابا علمني القراءة والكتابة وبس..
وفي قرية بعيدة شوية صغيرة مفيهاش يجي عشرين بيت كان هناك مكان بيعلم القراءة والكتابة وروحت هنا .. وفي مخزن في البيت فيه كتب كنت باخد وبقرأ اتسلى وعرفت من الكتب حاجات وعرفت إن في قرآن أهل القرية كانوا بيقرأوه بس مش عارفة يعني أيه مسلمة..!
وأكملت تخبره ببراءة لم يراها تميم من قبل رغم بعدها عن الدين
أنا أخدت كتاب من أوضتك إمبارح وجيت أقرأ فيه بس مع العلم إن بعرف أقرأ لكن معرفتش أقرأه وعرفت إن هو القرآن..
لا يعرف تميم لماذا لم يغضب منها وهي تخبره بتلقائية أنها دخلت لغرفته سرا .. ابتسم وقال بهدوء
دا من معجزات القرآن إن حتى العلماء وأساتذة الجامعة ميعرفوش يقرأوه إلا إذا سمعوه من حافظ..
قراءة لأن القرآن بالتواتر..
داهم عقل غفران بعض الومضات فارتعش بدنها ووثبت قائمة تهرول وهي تقول بينما يركض ملار خلفها
أنا ماشية..
وقف تميم ينظر لأثرها بغرابة .. من تكون غفران هذه وما الذي تخبئة.!
جلست على فراشها ومن حولها كتب كثيرة وروايات منثورة تبحث عن معنى الحب..!!
تسأل عن الأعراض التي تشكو منها..
لماذا هذا الإنجذاب لهذا تميم .. ألأنه يختلف عن كل من أتى إلى هنا..!!
رقدت على الفراش بتنهيدة وهمست
تميم ... عارف حاجات كتيرة أووي عايزه أعرفها...
تقلبت على معدتها أمام قطعة عريضة من الورق وأمسكت بقطعة حجارة سوداء لينه وبخطوات مهارية كانت تتخبط في الأوراق بأعين شاردة وذهن غائب..
وبعد قليل رفعت ما رسمت لتراه فكانت صډمتها للمرة الثانية وهي ترى ملامح وجه تميم مرة أخرى تنهدت وهي تضع الورقة جانبا وهمست بحيرة
تاني .. مش عارفة أيه الحكاية .. أنا تايهة أوي ومش عارفة أيه الأحساس ده .. يعني عايزة دايما أقعد معاه وأسمع

كلامه ... دي مش أول مرة أشوف راجل..
بس أنا حاسه إن هو مختلف جدا..
وظلت تتحدث مع نفسها حتى فزعت عندما سمعت صوت طرق فوق الباب..
خبأت الأوراق أسفل الوسادة واعتدلت قائلة
ادخل..
دخلت فتحية وبيدها الإبرة المعتادة لتنفخ بضيق بصمت وبرود..
غرزتها فتحية غفران بتبرم
أنا مليت من الحقنة دي بجد بقالي عشرين سنة باخدها..
قالت فتحية
الله يشفيك يا ست غفران يا ست البنات...
وكالعادة بعد كل جرعة تشعر غفران أنها في ثوب أخرى .. تجري الحماسة والشرار بأعينها وتسيطر التيهة على عقلها .. حركت رأسها وهي تحاول تذكر ما جرى منذ قليل ... تميم ... تميم .. هو المسيطر على كيانها رغم الجرعة السامة التي جرت بعروقها..
صوته العذب في هذه الآيات .. ملامحه السمحة الحبيبة التي تحب أن تظل تنظر إليها .. الهالة المحيطة به ... تميم لا ينسى رغم أنف آلاف الجرعات..
تحدثت فتحية قائلة
أنا

انت في الصفحة 5 من 24 صفحات